التوبة
طرق الوقاية من الذنوب
ثانيًا: التوبة
تعريف التوبة:
هي العلم بعظم الذنب، والندم عليه، والقصد المتعلق بالترك في الحال والاستقبال.
منزلة التوبة:
إن التوبة هي حقيقة دين الإسلام، والدين كله داخل في مسمى التوبة، وبهذا استحق التائب أن يكون حبيب الله. فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين. وإنما يحب الله مَن فَعَل ما أمر به وتَرَكَ ما نهى عنه.
والتوبة هي الرجوع مما يكرهه الله ظاهرًا وباطنًا إلى ما يحبه ظاهرًا وباطنًا. ويدخل في مسماها الإسلام، والإيمان، والإحسان، وتتناول جميع المقامات. ولهذا كانت غاية كل مؤمن. وبداية الأمر وخاتمته.
وأكثر الناس لا يعرفون قدر التوبة ولا حقيقتها، فضلًا عن القيام بها علمًا وعملًا وحالًا. ولم يجعل الله تعالى محبته للتوابين إلا وهم خواص الخلق لديه.
ولولا أن التوبة اسم جامع لشرائع الإسلام، وحقائق الإيمان لم يكن الرب تعالى يفرح بتوبة عبده ذلك الفرح العظيم، فجميع ما تكلم فيه الناس من المقامات والأحوال هو تفاصيل التوبة وآثارها. (مدارج السالكين لابن القيم 1/ 178).
حقيقة التوبة:
إن حقيقة التوبة هي الرجوع إلى الله تعالى بالتزام فِعل ما يحب، وترك ما يَكره.
فهي رجوع من مكروه إلى محبوب. فالرجوع إلى المحبوب جزء مسماها. والرجوع عن المكروه الجزء الآخر. ولهذا علق سبحانه الفلاح المطلق على فعل المأمور وترك المحظور بها. فقال: ﴿ وتوبوا إلى الله جميعًا أيها المؤمنون لعَلكم تفلحون ﴾. [النور: 31].
فكل تائب مفلح. ولا يكون مفلحًا إلا من فعل ما أُمر به وتَرَكَ ما نُهي عنه.
وقال الله تعالى: ﴿ ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون ﴾. [الحجرات: 11].
وتارك المأمور ظالم، كما أن فاعل المحظور ظالم، وزوال اسم "الظلم" عنه إنما يكون بالتوبة الجامعة للأمرين.
فالناس قسمان: تائب، وظالم، ليس إلا.
فالتائبون هم: ﴿ التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ ﴾. [التوبة: 112].
فحفظ حدود الله: جزء التوبة، والتوبة هي مجموع هذه الأمور. وإنما سُمي تائبًا لرجوعه إلى أمر الله من نهيه، وإلى طاعته من معصيته. (مدارج السالكين 1/ 181).
حكم التوبة:
قال العلماء: التوبة واجبة من كل ذنب، فإذا تاب من بعضها صحَّت عما تاب منه.