مشاهد من ليل سليمان التيمي رضي الله عنه
وهذا العابد الزاهد، المحب لله تعالى، سليمان التيمي رضي الله عنه، القائم الليل في طاعة الله تعالى
فعن محمد بن الأعلى قال سمعت معتمر بن سليمان التيمي، يقول
(لولا أنك من أهل ما حدثتك عن أبي بهذا، مكث أبي أربعين سنة يصوم يوما ويفطر يوما، يصلي الصبح بوضوء العشاء وربما أحدث الوضوء من غير نوم)
[1]
وعن محمد بن عبد الله الأنصاري، قال
( كان التيمي عامة دهره يصلي العشاء والصبح بوضوء واحد، وليس وقت صلاة إلا وهو يصلي، وكان يسبح بعد العصر إلى المغرب، ويصوم الدهر، وانصرف الناس يوم عيد من الجبان[2] فأصابتهم السماء، فدخلوا مسجدا، في تعاطوا فيه، فإذا رجل متقنع قائم يصلي، فنظروا فإذا سليمان التيمي)[3]
وعن عبد الملك بن قريب الأصمعي قال
(بلغني أن سليمان التيمي قال لأهله :هلموا حتى نجزئ الليل،فإن شئتم كفيتم أوله، وإن شئتم كفيتم آخره)
[4]
وعن أبي علي البصري، عن معمر، مؤذن التيمي قال
( صلى إلى جنبي سليمان التيمي بعد العشاء الآخرة، فسمعته يقرأ( تبارك الذي بيده الملك)[5]، قال: فلما أتى على هذه الآية( فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا)[6] جعل يرددها حتى خف أهل المسجد، فانصرفوا، قال: فخرجت وتركته، قال: وغدوت لأذان الفجر ، فنظرت فإذا هو في مقامه،قال: فسمعت فإذا هو فيها، لم يجزها وهو يقول( فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا)[7]
وعن ابن سعد، قال
( كان سليمان التيمي من العباد المجتهدين، كثير الحديث، ثقة، يصلي الليل كله بوضوء عشاء الآخرة، وكان هو وابنه يدوران بالليل في المساجد، فيصليان في هذا المسجد مرة، وفي هذا المسجد مرة، حتى يصبحا)
[8]
ولا عجب من قيام العبد المحب لله تعالى عز وجل أربعين عاما، لا ينام الليل فيها أبدا؛ فإننا نرى في زماننا من يقضي ليله كله في السهر على المعاصي: على التلفاز ومواقع التواصل؛ ومنهم من يقضي ليله كله في الدراسة، ومنهم من يقضي ليلة في العمل؛ ليلهم نهار، ونهارهم ليل؛ فإذا كان هذا حال هؤلاء في المعصية والمباحات؛فلا غرابة من حال سليمان رحمه الله تعالى و أمثاله في الطاعة.
المراجع
- حلية الأولياء وطبقات الأصفياء لأبي نعيم:28/3
- الجبان و الجبانة: الصحراء، وتسمى بها المقابر، انظر: معجم الصواب اللغوي، أحمد عمر:186/1
- حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، لأبي نعيم:29/3
- حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، لأبي نعيم:29/3
- الملك:1
- الملك:27
- حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، لأبي نعيم:29/3
- سير أعلام النبلاء، للذهبي:324/6