مشاهد من ليل صلة بن أشيم العدوي رضي الله عنه في غزوه
وهذا العبد المحب لله تعالى، المجاهد الخفي، القانت لله تعالى، القائم له في خفية من الناس؛ فعن ابن شوذب، قال: "قالت معاذة: ما كان صلة يجيء من مسجد بيته إلى فراشه إلا حبوًا يقوم حتى يفتر فما يجيء لفراشه إلا حبوًا" (1).
وعن حماد بن جعفر بن زيد، "أن أباه أخبره، قال: خرجنا في غزاةٍ إلى كابل، وفي الجيش صلة بن أشيم، فنزل الناس عند العتمة، فقلت: لأرمقن عمله، فصلى. ثم اضطجح، فالتمس غفلة الناس، ثم وثب فدخل غيضة، فدخلت في أثره، فتوضأ ثم قام يصلي فافتتح الصلاة. وجاء أسد ختى دنا منه، فصعدت في شجرة قال: أفتراه التفت إليه، أو عده جرذًا، حتى سجد؟ فقلت: الآن يفترسه، فلا شيء، فجلس، ثم سلم، فقال: أيها السبع، اطلب الرزق من مكان آخر، فولى الأسد، وإن له لزئيرًا، وأقول: تصدع منه الجبال. فما زال كذلك، حتى إذا عند الصبح جلس، فحمد الله بمحامد لم أسمع بمثلها، إلا ما شاء الله، ثم رجع، وقد أصبحت وبي من الفترة بشيء الله به عليم" (2).
انظر هذا العبد المحب لله تعالى؛ فقد غلبت محبة الله تعالى على قلبه؛ فلم يجد مه حب الله تعالى حبًا لغيره، ولا خشية لغيره، وانظر كرامة الله تعالى له، بانصراف الأسد حسيرًا؛ فإن من خشى الله تعالى وأحبه؛ أخاف منه كل شيء، وأحبه كل شيء.
المراجع
(1) الزهد، لأحمد بن حنبل 1/171
(2) حلبة الأولياء وطبقات الأصفياء، لأبي نعيم: 2/240، وصفة الصفوة، لأبن الجوزي: 2/128، وتاريخ الإسلام، للذهبي: 5/79.