علم نفس الروح في القرآن الكريم


فريق عمل الموقع

الروح خلق من أعظم مخلوقات الله، شرَّفها الله وكرمها غاية التشريف والتكريم، فنسبها لذاته العلية في كتابه الكريم،

قال الله تعالى:

﴿ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ﴾

[الحجر: 29]

 فإذا صوّرته فعدَّلت صورته

﴿ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ﴾

فصار بشراً حياً

﴿ فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ﴾

سجود تحية وتكرمة لا سجود عبادة

 ومن جلالة وعظمة هذا التشريف لهذا المخلوق أن الله اختصه بالعلم الكامل بالروح فلا يمكن لأي مخلوق كائن من كان أن يعلم كل العلم عن هذا المخلوق إلا ما أخبر به الله تعالى،

قال الله تعالى:

﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾

، [الإسراء: 85]

أَي الْيَهُود  سألوا النبي صلى الله عليه وسلم

﴿ عَنِ الرُّوحِ ﴾ 

الَّذِي يَحْيَا بِهِ الْبَدَن

﴿ قُلِ ﴾

﴿ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ﴾

أَيْ عِلْمه لَا تَعْلَمُونَهُ

﴿ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾

بِالنِّسْبَةِ إلَى عِلْمه تعالى.

فالله خلق الإنسان من جسد وروح وقدر له سبيل العيش ليسير في هذه الحياة وفق حكمته وإرادته وأمده بالتوجيهات اللازمة للعناية المتكاملة بالجانبين المادي والروحي والتوازن بينهما دون تغليب لجانب على أخر وبذلك يحصل الإنسان على غذاء متوازن لمكوناته المادية والروحية، والتوجيهات التي يتضمنها الجانب الثاني هي ما يعبر عنه بالقيم الروحية.

والإنسان يعيش في حياته هذه نوعان من الحياة:-

1) الحياة المحسوسة

بنواميسها المعروف فالحواس الخمسة هي التي تعطي الإنسان الإحساس بهذا العالم ونستطيع تسمية هذا العالم بعالم الملك ويكون الإنسان في هذه الحياة محدد القدرات التي تكون وفقا لتركيبه المخلوق منه وتكون الروح في هذه الحياة مأسورة الجسد

يقول الله سبحانه وتعالى:

﴿ نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا ﴾

[الإنسان 28]،

أي:  نَحْنُ خَلَقْنَا هؤلاء المشركين بالله المخالفين أمره ونهيه

﴿ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ ﴾

وشددنا خلقهم، من قولهم: قد أُسر هذا الرجل فأُحسِن أسره، بمعنى: قد خلِقَ فأُحسِن خَلْقه

وقوله:

﴿ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا ﴾

يقول: وإذا نحن شئنا أهلكنا هؤلاء وجئنا بآخرين سواهم من جنسهم أمثالهم من الخلق، مخالفين لهم في العمل

2) حياة الروح: 

وهي في الأصل مستمدة  من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة باعتبارهما أساس الدين ومصدر التشـريع ومنهاج حياة المسلمين في جميع شؤون حياتهم.

فشرع في القرآن ما يدعو للاهتمام بها ويرتقي بحالها من خلال العبادات المختلفة الفرائض منها والنوافل، وأرشدنا إلى تزكية النفس لإعلاء الجانب الروحي، وتوافقه معها،

فقال تعالى:

﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ﴾

 من طهر هذه النفس، وأصلحها، وارتفع بها من مرتبة الحيوانية، لتحصيل الحد الأعلى من الكمالات النفسية والروحية.

ولأن الله هو خالق الروح وهو أعلم بها وهي من أمر الله تعالى وحده فإنه لا سبيل لمعرفة أي شئ عنها إلا من الله تعالى،

قال الله تعالى:

 ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾

[الإسراء85]

روى البخاري حدثنا قيس بن حفص قال

حدثنا عبد الواحد قال: حدثنا الأعمش سليمان، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال: ينما أنا أمشي مع النبي في خرب المدينة، وهو يتوكأ على عسيب معه، فمر بنفر من اليهود، فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح؟ وقال بعضهم: لا تسألوه، لا يجيء فيه بشيء تكرهونه، فقال بعضهم: لنسألنه، فقام رجل منهم فقال: يا أبا القاسم، ما الروح؟ فسكت، فقلت: إنه يوحى إليه، فقمت، فلما انجلى عنه، فقال: ﴿ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا﴾. قال الأعمش: هكذا في قراءتنا.

روى أحمد في مسنده حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا وكيع حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال:كنت أمشي مع النبي في حرث بالمدينة وهو متوكئ على عسيب قال: فمر بقوم من اليهود فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح قال بعضهم: لا تسألوه فسألوه عن الروح فقالوا: يا محمد ما الروح فقام فتوكأ على العسيب قال: فظننت أنه يوحى اليه فقال: ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا قال: فقال بعضهم: قد قلنا لكم لا تسألوا.

فالجانب الروحي جانب مهم في حياة المؤمن، وتنبع تلك الأهمية من خلال اهتمام القرآن بجوانب الرقي الإيماني والروحي، وهي متعددة بتعدد اهتمامات الإنسان وحاجاته عبر أخلاق شـرعية شمولية من خلال الاهتمام بالموازنة بين مطالب الروح والجسد وعدم تغليب الجانب المادي ليستطيع الإنسان التوازن بين جوانب حياته المختلفة، ويقدر على تحري مطالب روحه ونفسه في مختلف مناحي الحياة.

فالله خلق الإنسان من جسد وروح، وقدّر له سبيل العيش ليسير في هذه الحياة وفق حكمته وإرادته، وأمده بالتوجيهات اللازمة للعناية المتكاملة بالجانبين المادي والروحي والتوازن بينهما دون تغليب لجانب على أخر وبذلك يحصل الإنسان على غذاء متوازن لمكوناته المادية والروحية.

ومحل الجانب الروحي في الإنسان هو القلب ، فالقلب كما في

قوله تعالى:

﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾

[الرعد:28]

 أي: تطيب وتركن إلى جانب الله، وتسكن عند ذكره، وترضى به مولى ونصيرا؛

ولهذا قال:

﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾

[الرعد: 28]

أي: هو حقيق بذلك.

 وقوله صلى الله عليه وسلم:

((أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ، صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ، فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ))

فما أروع توضيح القرآن لخطة نجاح الإنسان من خلال مراعاة التوازن الروحي والجسدي، فلا يطغى جانب على جانب، ويكون إنسانا وسطا، في حياته وحتى يلقى ربه.

السابق

مقالات مرتبطة بـ علم نفس الروح في القرآن الكريم

  • القرآن الكريم

    فريق عمل الموقع

    القرآن الكريم هو كلام الله تعالى الذي أنزله على آخر الرسل محمد، وهو أعظم معجزة تدل على صدق نبوة محمد -صلى الله

    27/07/2024 403
  • القرآن الكريم

    فريق عمل الموقع

    القرآن الكريم هو كلام الله تعالى الذي أنزله على آخر الرسل محمد، وهو أعظم معجزة تدل على صدق نبوة محمد -صلى الله

    23/12/2024 175
  • سبب وجودك #القرآن

    فريق عمل الموقع

    هل تساءلت عن سبب وجودك؟ القرآن الكريم يوضح لنا الحكمة والغاية من الحياة. #سبب_الوجود

    12/08/2024 397
معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day