أجر المحافظة على الصلاة
مِنَ القُرآنِ الكرِيم:
1) ]وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ[ ([1]).
يُمَسِّكُونَ : يعملون بما فيه.
المعنى: (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ) يتمسّكون (بِالْكِتَابِ)، ويعملون بما فيه من العقائد والأحكام، (وَأَقَامُوا الصَّلاةَ) ويحافظون على الصلاة بحدودها، ولا يضيعون أوقاتها، (إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ) فإن الله يثيبهم على أعمالهم الصالحة، ولا يضيعها.
* * *
2) ]إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ. لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ، إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ. وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ، إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ. ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا، فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ، وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ، وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ، ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ. جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا. وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ. وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ، إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ. الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ. وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا، كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ. وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ. أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَ كُمُ النَّذِيرُ. فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ [ ([2]).
تَبُورَ : تكسد وتهلك.
اصْطَفَيْنَا : اخترنا.
ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ : رجحت سيئاته.
مُقْتَصِدٌ : استوت حسناته وسيئاته.
سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ : رجحت حسناته.
الْحَزَنَ : كل ما يحزن ويغم.
أَحَلَّنَا : أنزلَنا.
الْمُقَامَةِ : الإقامة الدائمة في الجنة.
نَصَبٌ : تعب.
لُغُوبٌ : إعياء.
يَصْطَرِخُونَ : يستغيثون.
النَّذِيرُ : الرسول ومعه القرآن.
المعنى: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ) يقرؤون القرآن، ويعملون به، (وَأَقَامُوا) وداوموا على (الصَّلاةَ) في أوقاتها، (وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ) من أنواع النفقات الواجبة والمستحبة (سِرًّا وَعَلانِيَةً) وجهراً. هؤلاء (يَرْجُونَ) بذلك (تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ) لن تكسد ولن تهلك، ألا وهي رضا ربهم، والفوز بجزيل ثوابه؛ (لِيُوَفِّيَهُمْ) الله تعالى (أُجُورَهُمْ) ثواب أعمالهم كاملاً غير منقوص، (وَيَزِيدَهُمْ) ويضاعف لهم الحسنات (مِنْ فَضْلِهِ). (إِنَّهُ) إن الله (غَفُورٌ) لسيئاتهم، (شَكُورٌ) لحسناتهم، يثيبهم عليها الجزيل من الثواب. (وَالَّذِي أَوْحَيْنَا) أنزلناه (إِلَيْكَ) - يا محمد - (مِنَ الْكِتَابِ) القرآن (هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا) المصدّق (لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ) للكتب التي أنزلها الله على رسله قبلك. (إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ) لا يخفى عليه شيء. (ثُمَّ أَوْرَثْنَا) أعطينا - بعد هلاك الأمم - (الْكِتَابَ) القرآن (الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا) اخترناهم (مِنْ عِبَادِنَا) أمة محمد r: (فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ) بفعل بعض المعاصي. (وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ). وهو المؤدي للواجبات المجتنب للمحرمات. (وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ)، أَيْ: مسارع مجتهد في الأعمال الصالحة فرضها ونفلها، (ذَلِكَ) الإعطاء للكتاب واصطفاء هذه الأمة (هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ). (جَنَّاتُ عَدْنٍ) إقامة دائمة للذين أورثهم الله كتابه (يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا)، (وَلِبَاسُهُمْ) المعتاد (فِيهَا) في الجنة (حَرِيرٌ) أَيْ: ثياب رقيقة. (وَقَالُوا) حين دخلوا الجنة: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا) كل (الْحَزَنَ، إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ)؛ حَيْثُ غفر لنا الزلات (شَكُورٌ)؛ حَيْثُ قبل منا الحسنات وضاعفها. وهو (الَّذِي أَحَلَّنَا) أنزلنا (دَارَ الْمُقَامَةِ) الجنة (مِنْ فَضْلِهِ)، (لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ) تعب (وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ) إعياء. (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ) الموقدة، (لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ) بالموت، (فَيَمُوتُوا) ويستريحوا، (وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا)، (كَذَلِكَ) ومثل ذلك الجزاء (نَجْزِي) يجزي الله (كُلَّ كَفُورٍ) جحود له ولرسوله. (وَهُمْ) وهؤلاء الكفار (يَصْطَرِخُونَ) يصرخون من شدة العذاب (فِيهَا) في نار جهنم مستغيثين: (رَبَّنَا أَخْرِجْنَا) من نار جهنم، وردَّنا إِلى الدنيا (نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) نعمله في حياتنا الدنيا، فنؤمن بدل الكفر. فيقول لهم: (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ) نُمْهِلْكم في الحياة قدْراً وافياً من العمر، (مَا يَتَذَكَّرُ) يتعظ (فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ) اتعظ، (وَجَاءَ كُمُ النَّذِيرُ) النَّبِيّ ومع ذلك لم تتذكروا ولم تتعظوا؟. (فَذُوقُوا) عذاب جهنم، (فَمَا) فليس (لِلظَّالِمِينَ) للكافرين (مِنْ نَصِيرٍ) ناصر ينصرهم من عذاب الله.
* * *
3) ]قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى، وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى[([3]).
تَزَكَّى : تطهر من دنس الذنوب.
المعنى: (قَدْ أَفْلَحَ) فاز (مَنْ تَزَكَّى) من طهّر نفسه من الأخلاق السيئة، (وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ) وذكر الله، فوحّده ودعاه وعمل بما يرضيه، (فَصَلَّى) وأقام الصلاة في أوقاتها ابتغاء رضوان الله وامتثالاً لشرعه.
* * *
مِنْ سُنَّة الرسول:
1) حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يَقُولُ: الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ ([4]).
المعنى : (حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ) وهو عبد الرحمن بن صخر الدوسي اليماني تُوفِّيَ سنة 57هـ بالمدينة المنورة (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يَقُولُ: الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ) أَيْ: صلاة الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء ، إِذَا داوم عليهن ، ( وَ ) من صلاة (الْجُمْعَة إِلَى) صلاة (الْجُمْعَةِ) إِذَا أداها احتساباً لله ، ( وَ ) من شهر (رَمَضَان إِلَى) شهر (رَمَضَانَ) إِذَا صامه احتساباً لله (مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ) من الذنوب (إِذَا اجْتَنَبَ) فاعلها الذنوب (الْكَبَائِر) ، أَيْ: لم يرتكب الكبائر مثل الإشراك بالله و السحر وغيرهما ، ومعناه إن الذنوب كلها تغفر إلا الكبائر فإنها لا تغفر إلا بالتوبة الصحيحة أو رحمة الله تعالى وفضله ، وإن لم يصادف صغيرة ولا كبيرة يرفع بها الدرجات.
* * *
2) حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ مَشَى إِلَى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ كَانَتْ خَطْوَتَاهُ إِحْدَاهُمَا تَحُطُّ خَطِيئَةً وَالأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً([5]).
المعنى : (حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ) وهو عبد الرحمن بن صخر الدوسي اليماني تُوفِّيَ سنة 57هـ بالمدينة المنورة. (قَالَ) أبو هريرة : (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ) فأحسن الوضوء ؛ بأن راعى فروضه وشروطه وآدابه (ثُمَّ مَشَى إِلَى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ) وهي المساجد ؛ (لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ) وهي الصلوات الخمس والجمعة (كَانَتْ خَطْوَتَاهُ إِحْدَاهُمَا تَحُطُّ خَطِيئَةً) تمحو سيئة . ( وَ ) الخطوة (الأُخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً). فأي فضل بعد هذا !.
* * *
3) حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ t: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَتَى الْمَقْبَرَةَ فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاحِقُونَ. وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا. قَالُوا: أَوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَنْتُمْ أَصْحَابِي، وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ. فَقَالُوا: كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِنْ أُمَّتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلاً لَهُ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بَيْنَ ظَهْرَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ أَلا يَعْرِفُ خَيْلَهُ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الْوُضُوءِ، وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ، أَلا لَيُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ أُنَادِيهِمْ: أَلا هَلُمَّ، فَيُقَالُ: إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ: سُحْقًا سُحْقًا ([6]).
خَيْلٌ غُرٌّ : التي في جبهتها بياض.
خيل مُحَجَّلَة : الخيل التي قوائمها بيضاء.
خَيْلٍ دُهْمٍ : الشديدة السواد.
خيل بُهْمٍ : الخالصة السواد.
غُرًّا : نور يسطع من جباههم.
مُحَجَّلِينَ : نور يسطع من أيديهم وأرجلهم.
فَرَطُهُمْ : سابقهم ومتقدمهم.
لَيُذَادَنَّ : الذود: المنع والدفع.
هَلُمَّ : تعالوا أو أقبلوا.
سُحْقًا : بُعْداً.
المعنى : (حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ) وهو عبد الرحمن بن صخر الدوسي اليماني تُوفِّيَ سنة 57هـ بالمدينة المنورة: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَتَى الْمَقْبَرَةَ فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ) أهل (دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) يسلم عليهم مع كونهم أمواتاً، (وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاحِقُونَ. وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا) تمنٍّ منه لرؤية من يأتي بعده من أمته. (قَالُوا) أي : الصحابة : (أَوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ) : (أَنْتُمْ أَصْحَابِي ؛ وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ) وهذا ليس نفيا لأخوتهم ولكن ذكر مرتبتهم الزائدة بالصحبة فهؤلاء إخوة صحابة ، والذين لم يأتوا إخوة ليسوا بصحابة. (فَقَالُوا: كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِنْ أُمَّتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ)؟ يعنون أنه لم يرهم في الدنيا فبأيّ شيء يعرفهم في الآخرة؟ (فَقَالَ) : (أَرَأَيْتَ) أَيْ: أخبرني والخطاب مع كل من يصلح له من الحاضرين أو السائلين، (لَوْ أَنَّ رَجُلاً لَهُ خَيْلٌ غُرٌّ) التي في جبهتها بياض ، (مُحَجَّلَةٌ) الخيل التي قوائمها بيضاء (بَيْنَ ظَهْرَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ) الشديدة السواد (بُهْمٍ) الخالصة السواد (أَلا يَعْرِفُ خَيْلَهُ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا) نور يسطع من جباههم (مُحَجَّلِينَ) نور يسطع من أيديهم وأرجلهم. جعلنا الله منهم برحمته. وهذا يدل على أن سائر الأمم لا تكون على هذه الصفة ؛ ولذلك يعرف الغر المحجلين منهم ، (مِنَ) آثار (الْوُضُوءِ) يريد أنه يعرفهم بسيماهم ؛ كما يعرف ذو الخيل الغر المحجلة خيله في جملة خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ. (وَأَنَا فَرَطُهُمْ) سابقهم ومتقدمهم (عَلَى الْحَوْضِ) ويجدونه عند الحوض يهيئ لهم ما يحتاجون إليه. (أَلا لَيُذَادَنَّ) الذود: المنع والدفع (رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ) يعني : لا يفعلن رجل فعلاً يذاد به عن حوضي ؛ كما يذاد البعير الضال (أُنَادِيهِمْ: أَلا هَلُمَّ) تعالوا أو أقبلوا ، يحتمل هذا أن المنافقين والمرتدين وكل من توضأ منهم مسلماً فإنه يحشر بالغرة والتحجيل من أثر الوضوء، ولذلك يدعوهم النبي، (فَيُقَالُ: إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ ، فَأَقُولُ: سُحْقًا سُحْقًا) بُعْداً بُعْداً. قيل معنى بَدَّلُوا : غَيَّرُوا سنتك، ويحتمل أن يكون ذلك لمن رأى النبي فبَدَّلَ بعده من أهل الردة ، ويحتمل أن يكونوا ممن يأتي بعده إلى يوم القيامة .
ومما يدل عليه الحديث :
إباحة زيارة القبور بضوابطها الشرعية.
جواز التمني لا سيما في الخير ولقاء الفضلاء وأهل الصلاح.
البشارة لهذه الأمة - زادها الله تعالى شرفا - فهنيئا لمن كان رسول الله فرطه.
-----------------------------------------
([1]) الأعراف (170).
([2]) فاطر (29-37).
([3]) الأعلى (14-15).
([4]) رواه مسلم في كتاب الطهارة، باب الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ…، ح344.
([5]) رواه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب المشي إِلى الصلاة تمحى به الخطايا… ح1070.
([6]) متفق عليه واللفظ لمسلم في كتاب الطهارة، باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء،ح 367.