حصول الأحياء على الغذاء بطرق مختلفة
ويحدثنا الدكتور يوسف عن هذا الموضوع فيقول : " وجميع الكائنات الحية نباتات وحيوانات لا بدّ أن تتغذى ، وتتغذى النباتات بطريقة تختلف تمام الاختلاف عن طريقة تغذية الحيوانات ، فالنباتات ثابتة في مكانها ، لا يمكنها أن تتحرك لتحصل على غذائها كما يفعل الحيوان ، ولذا فهي تصنع غذاءها وهي مغروسة في مكانها مستخدمة في ذلك الطاقة الشمسية .
أمّا الحيوان فيحصل على غذائه جاهزاً من مواد نباتية أو حيوانية ، والغذاء الذي يتناوله الحيوان لا بدّ أن يهضم ليمتصه الجسم ويستفيد منه ، وعمليات الهضم عمليات بالغة التعقيد من شأنها تحويل المواد المعقدة التركيب إلى مواد بسيطة التركيب يستطيع الجسم امتصاصها والإفادة منها .
والمواد الغذائية قد تكون دهنية أو بروتينية أو نشوية ... إلخ .
وكل نوع من الغذاء يقوم بهضمه أنزيم معين يؤثر في مادة بعينها ، ولا يؤثر في المواد الأخرى الموجودة معها جنباً إلى جنب ، فأنزيم يؤثر في المواد الدهنية ، ولا يؤثر في المواد البروتينية ، وآخر يؤثر في المواد البروتينية ، ولا يؤثر في المواد الدهنية .فهل من الممكن أن يحدث كلّ ذلك نتيجة خبط عشواء أو مصادفة عمياء أو نتيجة تجارب عديدة تحتمل الخطأ والصواب ؟إنّ أيّ عقل قادر على التفكير لا بد أن يدرك أن هذا من المستحيل ، كما ترفضه رفضاً باتاً نظرية الاحتمالات في العلوم الرياضية .
ففي حيوان (الأميبا) الدقيق الحجم المكون من خلية واحدة تتم عملية التغذية بطريقة غريبة ، إذ تمتد منه أذرع تلتف حول المادة الغذائية الموجودة حوله في الماء ، والتي قد تكون حيواناً ضئيل الحجم أو نباتاً وحيد الخلية أصغر حجماً من الأميبا ، والمواد الغذائية في هذه الحالة قد تكون متحركة إذا كانت حيواناً صغيراً ، وقد تكون ثابتة إذا كانت نباتاً أولياً وحيد الخلية كبعض الطحالب .
ومن العجيب أنّ حيوان (الأميبا) البسيط التركيب الذي لا يوجد به مخ أو جهاز عصبي يستطيع التفرقة بين المواد الغذائية الثابتة والمواد الغذائية المتحركة ، فإذا كان الغذاء حيواناً متحركاً ، فإنّ أذرع (الأميبا) تمتدّ في حذر بعيداً عن الحيوان لكي لا يهرب ، أما إذا كان الغذاء ثابتاً غير متحرك ، فإنّ الأذرع تمتدّ حوله ملاصقة له بلا احتياط أو احتراس ، إن المادة الغذائية في هذه الحالة لن تستطيع الهرب ، فكيف يدرك هذه الأشياء حيوان ضئيل (كالأميبا) – لا تكاد تراه العين إلا من خلال عدسات الميكروسكوب – لا مخّ له ولا أعصاب أو عيون أو أية أعضاء للإحساس ! .
فإذا أطبقت الأذرع على المادة الغذائية أصبحت في داخل الجسم محاطة بقطرة ماء ، عند ذلك يبدأ جسم (الأميبا) في إفراز أنزيم هاضم حامض ليقتل الفريسة التي التهمتها (الأميبا) إذا كانت لا تزال على قيد الحياة ، ثم تفرز ( أنزيماً قلوياً ) ، ولذلك حكمة ، إذ إنّ أهم ( الأنزيمات ) وهو ( الأنزيم ) الذي يهضم المواد ( البروتينية ) لا يعمل إلا في وسط قلوي " .