شروط إجابة الدعاء
يلفت الله تعالى نظر عباده المؤمنين إلى قضية كبرى، وهي أن قضية إجابة الدعاء معلقة بالاستجابة التامة له، والإيمان به، فقال: فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ الاستجابة الكاملة التي تعني السير على المنهج الأوحد الذي اختاره الله لعباده، وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [الأنعام: 153]. الاستجابة لله تعالى التي تعني الانقياد التام لأمره ونهيه، والتسليم لقضائه، والخضوع لجنابه، وبدون ذلك ربما تتعذر الإجابة. والمتأمل في أوضاع الأمة يلحظ أنها في كثير من مواطنها وأوضاعها اختارت غير ما اختار الله، ودانت بمناهج على غير طريق رسول الله ، اختلطت عليها السبل، واصطبغت بغير صبغة الله، تغيرت أحوالهم، وفرطوا في دينهم، أضاعوا الصلاة، واتبعوا الشهوات، أكلوا الربا، وفشا فيهم الفحش والزنا، تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واتبعوا خطوات الشيطان، وتمادوا في معصية الرحمن، وهذه كلها أسباب في عدم إجابة الدعاء؛ لأن الذنوب والمعاصي قد تكون حائلة من إجابة الدعاء ( ) خاصة أكل الحرام. ذكر عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب الزهد لأبيه: (أصاب بني إسرائيل بلاء، فخرجوا مخرجًا، فأوحى الله عز وجل إلى نبيهم أن أخبرهم أنكم تخرجون إلى الصعيد بأبدان نجسة، وترفعون إلي أكفًا قد سفكتم بها الدماء، وملأتم بها بيوتكم من الحرام، الآن حين اشتد غضبي عليكم، لن تزدادوا مني إلا بعدًا)( ). وقال : «يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا»... الحديث، وفيه: «ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء؛ يا رب يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك»( ). ولنا أن نتعجب كما تعجب رسول الله من ذلك الرجل الذي اجتهد في الدعاء، وأخذ بأسباب الإجابة من إطالة السفر، وتواضع المظهر، والتضرع في الدعاء! فتشنا، تلمسنا، نظرنا، فوجدنا أن الرجل غارق في لجة الحرام! إذًا كيف يستجاب لمثل هذا وهو قد جعل طعامه وشرابه وملبسه من حرام!!