توبة نصوح
هذا هو الطريق . . توبة نصوح . . توبة تنصح القلب وتخلصه ، ثم لا تغشه ولا تخدعه .
توبه عن الذنب والمعصية ، تبدأ بالندم على ما كان ، وتنتهي بالعمل الصالح والطاعة ، فهي عندئد تنصح القلب فتخلصه من رواسب المعاصي وعكارها؛ وتحضه على العمل الصالح بعدها . فهذه هي التوبة النصوح . التوبة التي تظل تذكر القلب بعدها وتنصحه فلا يعود إلى الذنوب .
فإذا كانت هذه التوبة فهي مرجوة إذن في أن يكفر الله بها السيئات . وأن يدخلهم الجنات . في اليوم الذي يخزي فيه الكفار كما هم في المشهد الذي سبق في السياق . ولا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه .
وإنه لإغراء مطمع ، وتكريم عظيم ، أن يضم الله المؤمنين إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيجعلهم معه صفاً يتلقى الكرامة في يوم الخزي . ثم يجعل لهم نوراً { يسعى بين أيديهم وبأيمانهم } . نوراً يعرفون به في ذلك اليوم الهائل المائج العصيب الرهيب . ونوراً يهتدون به في الزحام المريج . ونوراً يسعى بين أيديهم وبأيمانهم إلى الجنة في نهاية المطاف!
وهم في رهبة الموقف وشدته يلهمون الدعاء الصالح بين يدي الله : { يقولون : ربنا أتمم لنا نورنا ، واغفر لنا ، إنك على كل شيء قدير } . . وإلهامهم هذا الدعاء في هذا الموقف الذي يلجم الألسنة ويسقط القلوب ، هو علامة الاستجابة . فما يلهم الله المؤمنين هذا الدعاء إلا وقد جرى قدره بأنه سيستجيب . فالدعاء هنا نعمة يمنّ بها الله عليهم تضاف إلى منة الله بالتكريم وبالنور .
فأين هذا من النار التي وقودها الناس والحجارة؟
إن هذا الثواب ، كذلك العقاب ، كلاهما يصور تبعة المؤمن في وقاية نفسه وأهله من النار ، وإنالتهم هذا النعيم في جنات تجري من تحتها الأنهار .