قرنا الاستشعار عند البعوض
ولا يمكن أن يكون عن طريق المصادفة أن قرني استشعار ذكر البعوض به شعيرات أطول من تلك التي في قرني استشعاره أنثاه ، وكان الاعتقاد فيما مضى أنّ هذه الشعيرات الطويلة مظهر من مظاهر الزينة ، لكي يبدو الذكر جميلاً في عين الأنثى ، ولكن اتضح أنّه هذه الشعيرات التي في قرني استشعار الذكر قادرة على التقاط أصوات خاصة تحدثها أنثى البعوض وهي بعيدة عن الذكر بعداً شاسعاً ، وأصوات الأنثى هذه ذات موجات خاصة تشبه إلى حد كبير موجات الإذاعة .
ويحرك الذكور قرني استشعاره في شتى الاتجاهات كما نحرك نحن هوائي التلفزيون لتصبح الصورة الملتقطة أكثر وضوحاً ، وفي وضع خاص يلتقط قرنا الاستشعار صوت الأنثى واضحاً ، وعن طريق زاوية قرن استشعاره يدرك الذكر غريزياً مكان الأنثى التي تحدث الصوت ، فيطير نحوها بأقصى سرعته حيث يتم التزاوج بينهما .
وهكذا نرى أنّ البعوض قد منحه خالقه هذه القدرة العجيبة التي تمكنه من إدراك صوت الأنثى البعيدة عنه بعشرات (( الأمتار )) على الرغم من وجود أصوات أخرى عديدة يموج بها الجو ، ولو لم يحدث ذلك لما تمكن الذكر من العثور على الأنثى بسهولة ، ولما تمكن البعوض من البقاء جيلاً بعد جيل .
إنها محطة استقبال إذاعي في قرني استشعاره استخدمها البعوض قبل أن يتمكن الإنسان من التوصل إلى أسرار الإرسال اللاسلكي بملايين السنين ، فهل يمكن أن يحدث مثل هذا عن طريق مصادفة عمياء ؟