عوامل تزكية النفوس


الشيخ أبوبكر الجزائري

الآن معاشر المستمعين! النفس البشرية تزكو وتخبث، وقد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها، السؤال: يا شيخ! دلنا على ما نزكي به أنفسنا، هل هناك عقاقير، مواد منظفة، مطهرة توجد في الصيدلية الفلانية؟ من يبيعها؟ كيف نستعملها، نريد أن نزكي أنفسنا؟ هذا السؤال يطرح نفسه المفروض أن نسمع قبل أن نقول: يا شيخ! النفس تزكو على أي شيء؟ بماذا نزكيها؟ وكيف نزكيها؟ لكن لولا أنني سألتكم ما تسألون، وتنتهي الحلقة ولا يسأل واحد: كيف نزكي؟ ولا كيف ندسي؟ سبحان الله العظيم! عرفتم هذه الحقيقة؟ هذه علامة استفهام، كأننا كالمحجوبين، المفروض يقولون للشيخ: والله لا تخرجن من المسجد حتى تعلمنا كيف نزكي أنفسنا، ما دامت القضية منوطة بتزكية النفس كيف نزكيها؟ وبماذا؟ أي ماء وصابون أغسلها بهما؟ لكن لما كانت الغفلة وكان العدو قد خنقنا نخرج من الدرس ولا نسأل.

اعلموا يفتح الله علينا أجمعين! أن النفس البشرية تزكو على شيئين اثنين: الأول: الإيمان. والثاني: العمل الصالح. خطوة أولى، نفسك يا عبد الله! تصفو، تزكو، تطهر على مادتين، احفظهما: الأولى: الإيمان.

والثانية: العمل الصالح.

هل هناك مزك آخر؟ والله ما علمت لكم، الإيمان والعمل الصالح مادة التطهير للنفس البشرية، الأجسام والثياب والمادة تزكو وتطهر على الماء الصالح لا المالح والصابون المنظف، والروح البشرية لا يغسلها ماء ولا صابون، ولكن تزكو وتطيب وتطهر على الإيمان والعمل الصالح.

وتخبث وتتدسى وتتلوث وتتعفن على شيئيين أيضاً: على الشرك والمعاصي، على الشرك بالله وعلى معصية الله ورسول الله، ومن سورة الجن قال تعالى: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا [الجن:23] هذه الآية الوحيدة في هذا الباب. وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [الجن:23] من سورة الجن.

فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا [الجن:23] هذه أبداً الغائية.

عرفتم الآن -وزادكم الله معرفة- حقيقتين: الأولى: أن الجنة ودار السلام لا يدخلها إلا ذو النفس الزكية، وأن دار الشقاء والهوان لا يدخلها إلا ذو النفس الخبيثة، وعرفتم المادة القرآنية المقررة لهذا الحكم: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10]. الحقيقة الثانية: عرفتم أن التزكية للنفس بمعنى التطهير الغسل لا تكون إلا بالإيمان والعمل الصالح، لا ثالث لهما، والتدسية التي نخافها ونرهبها ونخشاها لا تكون إلا بالشرك ومعصية الرب والرسول، فالنفس تتلوث أو تخبث وتتدسى على أي شيء؟ على الشرك ومعصية الله والرسول.

حقائق مسلمة كالماء يروي والطعام يشبع والنار تحرق والحديد يقطع، سنن لا تتبدل.

السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ عوامل تزكية النفوس

  • مقاومة الأحياء لعوامل الفناء

    عمر سليمان الاشقر

    ويقرر الدكتور يوسف : " وجود صفة مهمة تشترك فيها جميع الكائنات الحية من أدناها إلى أرقاها ، هذه الصفة هي مقاومة

    17/10/2009 6957
  • قد أفلح من زكاها

    ناصر العمر

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فقد قال الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا}، وذلك في

    24/02/2013 3497
  • بيوتنا وعشر ذي الحجة

    خالد عبداللطيف

    بين يدي السطور: تعاهد جذوة الحماس الناشئة برعاية يتم بها النفع..! بشرى للبيوت..! أقبلت العشر بكل خير.. تحمل البشرى

    13/07/2021 859
معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day