أهم الأفكار والمعتقدات الأخرى
يمكن إجمال أفكار معتقدات النصرانية بشكل عام فيما يلي، علماً بأنه سيفصل فيما بينهم من خلاف في المباحث التالية:الألوهية والتثليث: مع أن النصرانية في جوهرها تُعنى بالتهذيب الوجداني، وشريعتها هي شريعة موسى عليه السلام، وأصل اعتقادها هو دين الإسلام حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((الأنبياء إخوة لعَلَّات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد)) لكنه بعد ضياع الإنجيل وظهور العشرات من الأناجيل والمجامع والدعاوى المنحرفة استقرت أصول عقائد النصرانية على ما يلي:
- الإله: الإيمان بالله الواحد، الأب مالك كل شيء، وصانع ما يرى وما لا يرى. هكذا في قانون إيمانهم، وواضحٌ تأثُّرهم بألفاظ الفلاسفة في قولهم: صانع ما يرى. والأولى قولهم: خالق ما يرى وما لا يرى. حيث بينهما فرق كبير؛ فالصانع يخلق على أساس مثال سابق، بينما الخالق على العكس من ذلك.
- المسيح: إن ابنه الوحيد يسوع المسيح بكر الخلائق، ولد من أبيه قبل العوالم، وليس بمصنوع (تعالى الله عن كفرهم علوًّا كبيراً)، ومنهم من يعتقد أنه هو الله نفسه- سبحانه وتعالى عن إفكهم- وقد أشار القرآن الكريم إلى كلا المذهبين، وبيَّن فسادهما، وكفَّر معتقدهما؛ يقول تعالى: {وقَالت اليهودُ عُزيرٌ ابنُ الله وقَالت النصارى المسيحُ ابن الله} [التوبة: 30]. وقال تعالى: {لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيحُ ابنُ مَريم} [المائدة: 72].
ـ روح القدس: إن روح القدس الذي حلَّ في مريم لدى البشارة، وعلى المسيح في العماد على صورة حمامة، وعلى الرسل من بعد صعود المسيح، الذي لا يزال موجوداً، وينزل على الآباء والقديسين بالكنيسة يرشدهم ويعلمهم، ويحل عليهم المواهب، ليس إلا روح الله وحياته، إله حق من إله حق.
- الأقانيم: ولذلك يؤمنون بالأقانيم الثلاثة: الآب، الابن، الروح القدس، بما يُسمونه في زعمهم وحدانية في تثليث، وتثليث في وحدانية. وذلك زعمٌ باطل صعُب عليهم فهمه، ولذلك اختلفوا فيه اختلافاً متبايناً، وكفرت كل فرقة من فرقهم الأخرى بسببه، وقد حكم الله تعالى بكفرهم جميعاً إن لم ينتهوا عما يقولون، قال تعالى: {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المائدة: 73].
- الصلب والفداء: المسيح في نظرهم مات مصلوباً فداءً عن الخليقة؛ لشدة حب الله للبشر ولعدالته، فهو وحيد الله - تعالى الله عن كفرهم- الذي أرسله ليخلص العالم من إثم خطيئة أبيهم آدم وخطاياهم، وأنه دفن بعد صلبه، وقام بعد ثلاثة أيام متغلباً على الموت ليرتفع إلى السماء.
- قال تعالى مبيناً حقيقة ما حدث وزيف ما ادعوه: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: 157، 158].
- الدينونة والحساب: يعتقدون بأن الحساب في الآخرة سيكون موكولاً للمسيح عيسى بن مريم الجالس- في زعمهم- على يمين الرب في السماء؛ لأن فيه من جنس البشر مما يعينه على محاسبة الناس على أعمالهم.
- الصليب: يعتبر الصليب شعاراً لهم، وهو موضع تقديس الأكثرين، وحملُه علامة على أنهم من أتباع المسيح، ولا يخفى ما في ذلك من خفة عقولهم وسفاهة رأيهم، فمن الأولى لهم أن يكرهوا الصليب ويحقروه؛ لأنه كان أحد الأدوات التي صلب عليه إلههم وسبب آلامه. وعلى حسب منطقهم فكان الأولى بهم أن يعظموا قبره الذي زعموا أنه دفن فيه، ولا مس جسده تربته فترة أطول مما لامس الصليب.
· مريم البتول: يعتقد النصارى على ما أضيف في قانون الإيمان أن مريم ابنة عمران والدة المسيح عليه السلام، هي والدة الإله، ولذا يتوجَّه البعض منهم إليها بالعبادة.
- الدين: يؤمن النصارى بأن النصرانية دين عالمي غير مختص ببني إسرائيل وحدهم، ولا يخلو اعتقادهم هذا أيضاً من مخالفة لقول المسيح المذكور في (إنجيل متى)، الإصحاح(10:5 ،6): "إلى طرق الأمم لا تتجهوا، ومدن السامريين لا تدخلوا، بل انطلقوا بالحري إلى الخراف الضالة من آل بني إسرائيل".
- الكتاب المقدس: يؤمن النصارى بقدسية الكتاب المشتمل على:
العهد القديم: والذي يحتوي التوراة - الناموس - وأسفار الأنبياء التي تحمل تواريخ بني إسرائيل وجيرانهم، بالإضافة إلى بعض الوصايا والإرشادات.
العهد الجديد: والذي يشمل الأناجيل الأربعة: (متَّى، مرقس، لوقا، يوحنا) فقط، والرسائل المنسوبة للرسل، على أن ما في العهد الجديد يلغي ما في العهد القديم؛ لأنه في اعتقادهم كلمة الله، وذلك على خلاف بين طوائفهم في الاعتقاد في عدد الأسفار والرسائل، بل وفي صحة التوراة نفسها.
- المجامع (التقليد): يؤمن النصارى بكل ما صدر عن المجامع المسكونية من أمور تشريعية، سواء في العقيدة أو في الأحكام، وذلك على خلاف بينهم في عددها.
- الختان: يؤمن النصارى بعدم الختان للأطفال على عكس شريعة التوراة.