إصلاح القلب ومنزلته بالنسبة للجسد
الإسلام دعا إلى إصلاح القلب، واعتبر هذا سبباً للنجاة، حتى قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام: وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ * يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [الشعراء:88-89] فلا ينجو أحد يوم القيامة إلا أصحاب القلوب السليمة، وما قال: ببدن سليم أو بمظهر سليم! بل قال: بقلب سليم.
إذاً المعاملة معاملة قلوب أولاً، ومعاملة أعمال ثانياً، ليست قلوباً فقط، بل قلوب وأعمال، الرسول عليه الصلاة والسلام يقول في الحديث المتفق عليه، حديث النعمان: {ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب}. إذاً: كل الجسد يدور حول الملك -القلب- إذا صلح الملك صلحت الرعية، وإذا فسد الملك فسدت الرعية، فالأعضاء جنود، اليد، والرجل، والرأس، واللسان، إذا صلح الملك وهو القلب، صلحت هذه الجنود وهي الأعضاء، فصارت تسعى في طاعة القلب، فيملي عليها تعليمات صحيحة، يقول القلب الصالح للسان: تكلم بذكر الله، مر بالمعروف وانه عن المنكر، وادع إلى سبيل ربك، فيمتثل، ويقول لليد: أنفقي، فتمتثل، مري بالمعروف فتفعل، ويقول للرجل: امش إلى الطاعة فتفعل، ويقول للعين: انظري إلى ما يستحب النظر إليه فتفعل، ويقول للأذن: اسمعي ما يحب الله أن يسمع، فتفعل...
وهكذا، تصبح الجنود كلها خدماً تسعى في طاعة هذا الآمر المتنفذ المتوج وهو القلب {ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله}.