الأسماء الحسنى لا تُحدُّ بعدد
الأسماء الحسنى لا تدخل تحت حصر ولا تحد بعدد فإن لله تعالى أسماء وصفات استأثر بها في علم الغيب عنده، لا يعلمها ملك مقرب ولا نبي مرسل كما في الحديث الصحيح: ((أسألك بكل اسم هو لك سمَّيتَ به نفسك، أو علّمتَه أحداً من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك))([1])، فجعل أسماءه ثلاثة أقسام: قسم سمَّى به نفسه فأظهره لمن شاء من ملائكته أو غيرهم، ولم ينزل به كتابه، وقسم أنزل به كتابه فتعرّف به إلى عباده، وقسم استأثر به في علم غيبه فلم يطَّلِع عليه أحد من خلقه، ولهذا قال: ((استأثرتَ به)) أي انفردت بعلمه، وليس المراد انفراده بالتسمِّي به؛ لأن هذا الانفراد ثابت في الأسماء التي أنزل بها كتابه. ومن هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة: ((فيفتح عليّ من محامده بما لا أحسنه الآن))([2])، وتلك المحامد هي تفي بأسمائه وصفاته.
ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : ((لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك))([3])، وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ((إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة))([4])، فالكلام جملة واحدة. وقوله: ((من أحصاها دخل الجنة)) صفة لا خبر مستقبل. والمعنى له أسماء متعددة من شأنها أن من أحصاها دخل الجنة. وهذا لا ينفي أن يكون له أسماء غيرها. وهذا كما تقول: لفلان مائة مملوك قد أعدهم للجهاد، فلا ينفي هذا أن يكون له مماليك سواهم معدون لغير الجهاد، وهذا لا خلاف بين العلماء فيه([5]).
---------------------------------------
([1]) أخرجه أحمد، 1/391، وأبو يعلى، 9/198-199، برقم 5297، والحاكم، 1/509-510، وابن السني في عمل اليوم والليلة، برقم 339-340، وصححه الشيخ ناصر الدين الألباني. انظر: تخريج الكلم الطيب، ص73 .
([2]) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها، برقم 193، 194.
([3]) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم 486.
([4]) أخرجه البخاري في كتاب الشروط، باب ما يجوز من الاشتراط والثنيا في الإقرار، برقم 2736، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باقي أسماء الله تعالى وفضل من أحصاها، برقم 2677، وقد شرحه ابن حجر في الفتح، 11/214-228، والحديث في آخره: ((وهو وتر يحب الوتر)).
([5]) بدائع الفوائد للإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله، 1/166-167، وانظر أيضاً: فتاوى ابن تيمية، 6/379-382.