الإحسان في النية
و الإحسان في النية يُعدُّ أمراً مهماً ؛ إذ لابد أن تنقى النية تنقية سليمة من الشوائب و الكدر ؛ من الرياء و النفاق ، و الغدر ، و حب الجاه ، و الصيت .. إلى آخر ذلك .
أما الإحسان في الفعل - أي في المعاملة مع الخلق – فيكون في ما زاد عن الواجب شرعاً .
و يدخل في الإحسان جميع الأقوال و الأفعال مع سائر أصناف الخلائق إلا ما حرَّم الشرع الإحسان إليه .
هذه مسألةٌ مهمةٌ لها ضوابط ، و تندرج تحت قضية الولاء و البراء ، و الموالاة و المعاداة .
ومن ادنى و أقل مراتب الإحسان ؛ ما ورد في " الصحيحين " (1) من حديث ابي هريرةَ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أَنَّ امْرَأَةً بَغِيا (2) رَأَتْ كَلْبا يَلْهَثُ مِنْ الْعَطَشِ– أي : يأكل الثرى من شدة العطش - فَنَزَعَتْ مُوْقَهَا– خفها ، و هو الذي يلبس في القدم - - فَاسْتَقَتْ لَهُ بِهِ ، فَسَقَتْهُ فَغُفِرَ لَهَا بِهِ"
فاإحسان إلى الكلب و الحيوان و سائر المخلوقات أدنى مراتب الإحسان ، و مع ذلك غفر الله عز و جل بهذه المرتبة لغيِّ !!! فإذا كان الله تبارك و تعالى يغفر – برحمته و إحسانه – الذنوب و الخطايا للبغايا ؛ فكيف يكون إحسان الله مع من وحَّدَ ربَّ البرايا ؟!
فإلى حقيقة الإحسان ترجع ُ فروعُ و أصولُ و آداب المعاشرة كلُّها في المعاملة و الصحبة و العفو و عن الحقوق ؛ كما قال الله تعالى : " وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ " [ آل عمران : 134 ].
------------------
(1) أخرجه البخاري ، كتاب " أحاديث الأنبياء " ( 3467) ، و كتاب " بدء الخلق " ، باب إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ... (3321) و مسلم ، كتاب " السلام " باب فضل سقى البهائم المحترمة و إطعامها ( 2245) .
(2) البغي : هي المرأة الزانية .