الإيمان بالقضاء و القدر
ويؤمن المسلمون أهل السنة والجماعة بالقدر خيره وشره، وهو على درجتين:
الأولى: الإيمان بأن الله سبحانه عليم بالخلق، وهم عاملون بعلمه القديم الذي هو موصوف به أزلاً وأبدًا، وعلم جميع أحوالهم من الطاعات والمعاصي والأرزاق والآجال، ثم كتب الله في اللوح المحفوظ أقدار الخلق، فأول ما خلق الله القلم قال: اكتب. قال: ما أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة. فما أصاب الإنسان لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه. قال تعالى: ( أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) ، وقال تعالى: ( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) ، وإذا خلق جسد الجنين قبل نفخ الروح فيه بعث الله إليه ملكًا فيؤمر بأربع كلمات فيقال اكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد ونحو ذلك.
والدرجة الثانية: هي مشيئة الله النافذة وقدرته الشاملة، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه ما في السموات وما في الأرض من حركة ولا سكون إلا بمشيئة الله سبحانه، لا يكون في ملكه ما لا يشاء، فهو سبحانه خالق ما في الكون فلا رب سواه. ومع ذلك فقد أمر العباد بطاعته وطاعة رسله ونهاهم عن معصيته. وهو سبحانه يحب المتقين والمحسنين والمقسطين ويرضى عن المؤمنين الذين يعملون الصالحات ولا يحب الكافرين ولا الفاسقين ولا يأمر بالفحشاء ولا يرضى لعباده الكفر ولا يحب الفساد.
والعباد فاعلون حقيقةً، والله خالق أفعالهم، والعبد هو المؤمن والكافر والبر والفاجر والمصلي والصائم، وللعباد قدرة على أعمالهم ولهم إرادة، والله خالقهم وخالق قدرتهم وإرادتهم، كما قال تعالى: ( إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ * لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ ) ، ولا يجوز تكذيب هذا كما فعل القدرية «مجوس هذه الأمة» كما سماهم النبي ﷺ، ولا يجوز الغلو فيها حتى ما تسلب قدرة العبد واختياره (العقيدة الواسطية، للإمام أحمد بن تيمية، ص60).