الاسم الأعظم (الله)
ورد هذا الاسم الأعظم في الآية الأولى والثانية من (الفاتحة)، وتكرر في القرآن الكريم في (2707) من المرات، منها 980 مرة في حالة الرفع، و592 مرة في حالة النصب، و1135 في حالة الجر فلنتعرف إلى مكامن الجمال والجلال والكمال في هذه الكلمة المباركة:
هل هذه الكلمة المعظمة (الله) مشتقة؟
الجواب: قيل: إن هذه الكلمة المعظمة (الله) مشتقة من (إله) بمعنى معبود، دخلت عليه (أل)، ثم حذفت همزته لكثرة استعمال هذا اللفظ عند الدلالة عليه تعالى كما حذفوا همزة الأناس فقالوا الناس، ولذلك أظهروها في بعض الكلام. قال البعِيث بن حريث:
وبعد حذف الهمزة أدغم اللامان فصارت الكلمة (الله)
كلمة (الله) ولو كان لها أصل اشتقاقي فهي عَلَمُ الأعلام:
ولذا قال الإمام الشافعي: (الله) اسم علم لا اشتقاق له، يُنادى به الله سبحانه وتعالى، فهو الإله الحق، وينطق باللام المفخمة ما لم تسبقه الكسرة أو الياء، ويذكر عادة مقرونا بألفاظ تدلّ على الإجلال.
تعريف الاسم العظيم (الله)، واحتواء الاسم المبارك على دليل الوحدانية:
يعرف العلماء هذا الاسم العظيم (الله): بأنه عَلَمٌ على واجب الوجود الجامع لصفات الألوهيّة، وقولهم (واجب الوجود) أي أنه لا يمكن تصور الكون والخلق بدونه، فالاسم العظيم ذاته يشير إلى الرد على الملحدين، ولذا ذكر سيبويه أن هذه الكلمة المباركة تُشير إلى أعرف المعارف كما قال الله –تعالى ذكره-
{هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا}
[مريم:65]
.. سبحانه لا سمي له، ولا مثيل ولا نِدَّ ولا نظير.. فماذا يريد الملحدون.. ماذا يريدون دليلاً على وجود الله ووحدانيته جلَّ في علاه؟ وكل ذرةٍ من الوجود تشهد بذلك، كما قال العارفون: "كيف يُعرف بالمعارف من به عُرِفَتْ المعارف؟ أم كيف يُعْرف بشيءٍ من سبق وجودُه وجودَ كلِّ شيء؟".
ولذا فإن تصور الكون من دون خالقٍ هو تصورٌ يدل على سفهٍ في التفكير، وخللٍ في العقل، واستكبارٍ وتعاظمٍ بغيضٍ كما قال الله عن أصحاب هذا المرض العقلي الخلقي:
{لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا}
[الفرقان:21]
، فإنه لا يمكن لعاقلٍ أن يتصور وجود الكون دون الخالق العظيم الأول الذي ليس قبله شيء، ولذا نحن نستعيذ به في كل شيء، ونلجأ إليه في كل شيء، لأنه الأول قبل كل شيء، والآخر بعد كل شيء، وكم نتلذذ ونحن نردد بعقولنا وقلوبنا قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم –فيما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه- كان يقول قبل نومه:
((اللهم رب السموات ورب الأرض ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شىء، فَالق الحب والنوى، ومنزِل التوراة والإِنجيل والفرقَان أعوذ بك من شر كل شىء أنت آخذ بناصيته اللهم أنت الأول فليس قَبلك شىء، وأنت الآخر فليس بعدك شىء، وأنت الظاهر فليس فوقك شىء، وأنت الباطن فليس دونك شىء اقض عنا الدين وأغننا من الفقرِ))
يترتب على ذلك الآتي:
كما قال تعالى:
{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ}
[الأعراف:180].
{إِنَّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} .
[الأعراف:56]
لا اسم لإله النصارى:
هرب الـمُحَرِّفة من أهل الكتاب من تسمية رب العالمين بهذا الاسم العظيم (الله)، ولم يوجد له ذكرٌ في الكتاب المقدس عندهم مع أن كل الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- عندما دعوا أقوامهم إنما قالوا:
{أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}
[النحل:36]،
ولا يمكن لنا تصور أن الأنبياء يدعون قومهم إلى عبادة من لا اسم له، ولكن المعتدين حرفوا الكلم عن مواضعه، ووضعوا كلامهم وخرافاتهم في مواقعه، ولم يذكروا اسم {الله} عَلَماً على رب العالمين مع أنه اسمه الأعظم جل في علاه، واكتفى النصارى بالإشارة إليه بأنه (الآب)، واتخذوا له أسماء أخرى مع اليهود كاسم: يهوه، وألوهيم، وإيل، ثم تقرباً من المسلمين بغيةَ إضلالهم استخدموا في الإعلام لفظ الجلالة (الله) مع عدم وروده بهذا الاسم في كتابهم المقدس المتعارف عليه بطبعاته الحديثة، فكم حرموا أنفسهم من خير، وكم جلبوا على أنفسهم بهذا التحريف من سوءٍ وضير..
{أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}
[المائدة:74].
أثر ترديد الاسم الأعظم (الله) على النفس:
مجرد نطقك بهذه الكلمة العظيمة (الله) يجعل قلبك يمتلئ حباً وإجلالاً وتعظيماً وارتياحاً، واطمئناناً وأُنساً وانشراحاً، ولذا روى الشيخان عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو عند الكرب:
((لا إله إلا اللَّه العظيم الحليم، لا إله إلا اللَّه رب العرش العظيم، لا إله إلا اللَّه رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم))
، لكم يعيد ترديد الاسم العظيم على الشفاه الراحة والفرحة، ويزيل كل غصةٍ وقُرحة