الثامن من الأمور المعينة علي الإخلاص :أن يتباعد العبد جهده عن المواطن التي يحتاج فيها إلى التكلف و التصنع للمخلوقين
و الله عز وجل يقول لنبيه صلى الله عليه و سلم :
(قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ )
، فالتكلف في كل شيء مذموم ، فيكون الإنسان على سجيته ، فبالتالي فإنّه يتباعد عن الأمور التي تستدعي منه هذا التكلف ؛ و لهذا قال علي ابن بكار ما قال : لأن ألقى الشيطان أحب إليّ من أن ألقى فلاناً ؛ أخاف أن أتصنع له .
و لذلك الأحسن للعبد أن يحرص على أن يخالط و يجالس من لا يتكلف لهم ، بحيث إذا جلس معهم يكون على سجيته ، و تكون له نيةٌ في كلامه و في كل أفعاله ، إن صلى فنيته خالصة ، و إن تكلم فنيته خالصة ، و إن تصدق فنيته خالصة ، و إن قام بعمل يخدمهم به فنيته خالصة لا يتكلف لهم .
و الإمام أحمد رحمه الله دخل عليه رجل فقال : إنّ فلاناً يريد أن يلتقي بك – فلان يريد موعد معك ، يريد مجلساً خاصاً - ، فقال الإمام أحمد : و ما نصنع باللقاء ؟! أتزين له و يتزين لي ، أقول أحسن ما أجد و يقول أحسن ما يجد .
لاحظ مراقبة الخواطر و الإرادات ، هذا إنسان يبدو أنّه إنسان غير عادي ، يريد أن يجلس مع الإمام أحمد في مجلسٍ خاص ، يريد لقاءً خاصاً يتحدث معه في بعض الشؤون و بعض الأمور الخاصة ، الإمام أحمد يقول : و ما نصنع بهذا اللقاء يتزين لي و أتزين له ، يتزين لي من أجل أن أخرج عنه بانطباع حسن ، و أتزين له من أجل أن يخرج عني بانطباع حسن .
و ما الخير في ذلك أيها الأخوة و الأخوات ؟! ما الحاجة لمثل هذا ؟!