الدليل الثالث على أهمية الخشوع في الصلاة
الدليل الثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم توعد تاركيه، كالذي يرفع بصره في السماء، فإن حركته ورفعه ضد حال الخاشع، فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
[مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي صَلَاتِهِمْ] فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ حَتَّى قَالَ: [ لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ]
رواه البخاري
. وكذلك حديث جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
[لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ لَا تَرْجِعُ إِلَيْهِمْ].
رواه مسلم
فاستدل به على أن الخشوع واجب، وبهذا استدل أيضاً الحافظ العراقي [انظر طرح التثريب 2/372].
كما أن الله عز وجل ذم قسوة القلوب المنافية للخشوع في غير موضع من كتابه كما قال:
"...ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً...[74]"
[سورة البقرة] .
قال الزجاج:'قست: بمعنى غلظت ويبست، وعسيت، فقسوة القلب: هي ذهاب اللين والرحمة والخشوع منه، والقلب القاسي و العاسي: هو الشديد الصلابة '.
ويقول ابن قتيبة رحمه الله:'وقوة القلب المحمودة غير قسوته المذمومة، فإنه ينبغي أن يكون قوياً من غير عنف، وليناً من غير ضعف، وهذا كاليد فإنها قوية لينه، بخلاف مايقسو من العقب فإنه يابس لا لين فيه وإن كان فيه قوة'[انظر:مجموع الفتاوى 7/ 28 –30].