الرضا بقدر الله ..كيف يكون
جعل الله سبحانه وتعالي مقاليد أمور الخلق وتصاريف أقدارهم بيده تبارك وتعالي، وهو من قدر ما كان وما هوكائن وما سيكون في الكون كله، قدر أجال العباد وقسم أرزاقهم قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، والأنسان قد يصاب ببعض الأقدار المؤلمة أو المصائب التي قد تجعله يظن أنها محنة ولكنها قد تكون منحة من الله تعالى لو نظر بعين النعمة إلى نلك الاقدار ورضي بها فتطمئن نفسه وقلبه، قال تعالى: ﴿ قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون ﴾ [التوبة: 51].
المؤمن والقدر
الرضا بقدر الله تعالى يكون بإدراك المسلم أن الله تبارك وتعالي قدر كل شئ في هذا الكون قبل أن يكون فلن يصيبه إلا ما كتبه الله له أو عليه وأن يرضى بذلك، فالله سبحانه وتعالى لا يقدر إلا الخير فيما يختاره لنا : قال تعالى "وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون" (البقرة: 216).التسليم لاختيار الله من اعلي مقامات القرب من الله عز وجل.
الحكمة من رضا الإنسان بقدر الله وقضائه هي أن يحمد الله علي ما أصابه من خير أو شر، فالنبي صلى الله عليه وسلم علمنا أن كل ما يصيب المؤمن هو خير له في كل حال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكانت خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكانت خيرا له ". رواه مسلم.
وقال عمر بن الخطاب : " ما أبالي على أي حال أصبحت على ما أحب أو على ما أكره لأني لا أدري الخير فيما أحب أو فيما أكره " أخرجة أبن المبارك في الزهد وأبو نعيم في الحلية .
فالمسلم أن أصابته نعمة من الله شكر الله تبارك وتعالي ونسبها إليه وإن اصابته مصيبه صبر وأحتسب ورضا بقدر الله تعالي فترتقى درجته عند الله في الحياة الدنيا وفي الأخرة حتي يبلغ درجة الصديقين والأبرار، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : " لأحدثنكم بحيث لا يحدثكم به أحد بعدى كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جلوسا فضحك فقال : أتدرون مما ضحكت ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : ( عجبت للمؤمن ان الله تبارك وتعالى لا يقضى له إلا كان خيرا له) رواه الإمام أحمد وابن حبان، كما أن هذا الابتلاء والرضا به من علامات حب الله للعبد فالمؤمن يبتلى على قدر دينه ولا راد لقدر الله وقضائه.
ما يقال عند البلاء
ومن الأدعية التي تقال عند وقوع المصيبة والبلاء ما رواه الامام مسلم في صحيحه من حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله: إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرا منها، إلا أخلف الله له خيرا منها، قالت: فلما مات أبو سلمة قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة؟ أول بيت هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إني قلتها فأخلف الله لي رسول الله صلى الله عليه وسلم". وقد أمر الله تبارك وتعالي عبادة بالصبر والرضا بقدر الله تعالى ووعدهم بالجزاء العظيم يوم القيامة، قال تعالى"إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب" (الزمر:10).