الشيوعية قبل الإسلام
الشيوعية قبل الإسلام :
فقال: - وكأنه وجد الحجة – بلى، لقد ثبت في القرآن أن هؤلاء المشركين ينكرون وجود الله فهذا قائلهم يقول – كما حكى الله عنهم -: ( وَقَالُوا مَا هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ ) . [الجاثية: 24]
فقلت له: إن هؤلاء ليسوا المشركين الذين تحدثنا عنهم سابقًا، وإنما هم الدهريون الملاحدة، وهم فرقة من العرب الذين يسير الشيوعيون اليوم على مذهبهم، فهؤلاء لا يؤمنون بالله، ولا بما يعتقده المشركون مقربًا لله، فهم – أي: الدهريون – ينكرون وجود الله وتبعًا لذلك يكفرون بالأصنام والأوثان والآلهة التي يتخذها المشركون واسطة تقربهم إلى الله.
فمصدر شرك المشركين الأولين إنما هو إيمانهم بوجود الله مع التوسل إليه وطلب العون من غيره، وهذا ما عناه الله تعالى بقوله: ( وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ) . [يوسف:106]
فلو لم يكن المشركون يؤمنون بالله، ما اتخذوا هذه الآلهة واسطة تقربهم إلى الله تعالى كما قال تعالى: ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى ) . [الزمر:3]
فصح بهذا يقينًا أن المعنيين بإنكار وجود الله في آية الجاثية التي أوردتها محتجًا بها علي، ليسوا المشركين الذين حدثتك عن حقيقتهم، وإنما هم بعض العرب الدهريين، أو الشيوعيين، إن صح هذا التعبير.
لأنه يستحيل على الذين يدافعون عن شركهم ويبررونه بقولهم في آلهتهم وأوليائهم ( مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى )، أو ( هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللهِ ) [يونس:18] ، يستحيل عليهم أن ينكروا وجود الله الذي ما اتخذوا الآلهة من الأولياء إلا ليقربوهم إليه ويشفعوا لهم عنده، هذا بالإضافة إلى الآيات الأخرى التي تثبت اعترافهم صراحة بوجود الله وتوحيدهم لله في الربوبية كما تقدم.