المعالم المنهجية للتجديد الفطري
أول ما ابتُدئت به بعثة النبي صلى الله عليه وسلم هو نزول آيات من القرآن. وكان ذلك حدثا عظيما. لم يحصل بعده في سيرته صلى الله عليه وسلم ما هو أعظم منه وأعجب! وقد بقي القرآن أداته صلى الله عليه وسلم الأساس للدعوة إلى الله وتوحيده تعالى، مع ما ألهمه تعالى وأوحى إليه من الحكمة. مما نطق به في حديثه صلى الله عليه وسلم، وسار به في سيرته. إلا أن القرآن كان منبع الأنوار كلها.
وتدفق الإسلام على الناس وفشا بينهم، بتدفق آي القرآن وسوره عليه - صلى الله عليه وسلم - فكان المادة الأساس في تربية الجيل. انطلاقا من دار الأرقم، وشعاب مكة، إلى الهجرة نحو المدينة، إلى فتح مكة ودخول الناس في دين الله أفواجا! في ظرف زمني لا يتعدى بضعا وعشرين سنة! ومن هنالك انطلق إلى العالم في ظرف يقارب الأول، مع الخلفاء الراشدين وآخرين من بعدهم. إن هذه ملحوظة أساسية، أعني: التدفق الدعوي في ظرف زماني قصير! بل قياسي بالنسبة لقانون الاجتماع البشري، في انتشار الأفكار والعقائد والمذهبيات. ففي نحو بضع وعشرين سنة من التداول الاجتماعي للقرآن تربيةً وجهادا؛ يكون الإسلام دين الله المكين في الأرض! ثم الدين الظاهر على كل الأديان والملل والنِّحَل! إنها بعثة إذن!