النعم والبلايا مطلقة ومقيدة
النعمة إما مطلقة وإما مقيدة. نعمة مطلقة قد لا نشعر بها، كنعمة الشمس التي نحن فيها أو الضوء، فهذه نعمة عامة لا يشعر بها غير المؤمن؛ لأن المؤمن يشعر بكل نعمة، ويستشعر فضل الله عز وجل.
لو حجبت الشمس عاماً عن الأرض لمات أهل الأرض جميعاً من شدة البرد، سبحان الله! حتى في حرارة الصيف كم تقتل حرارة الشمس من ميكروبات وجراثيم؟ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا [إبراهيم:34]. ينبغي أن نشكر الله على نعمة الشمس، لكن كونها نعمة يشاركه فيها غيره فتجد العبد لا يرى النعمة إلا إذا كان متملكاً لها للأسف الشديد، لكن المؤمن يرى النعمة المطلقة ويرى النعمة المقيدة، النعم المطلقة مثل: نعمة الهواء، فهي نعمة لا تساويها نعمة، هذه نعم مطلقة يشاركنا فيها الناس يجب أن نشكر الله عليها ونحمد الله رب العالمين. أما النعم المقيدة فمثل: نعمة الإيمان في الدنيا، هذه نعمة مقيدة لك، والنعمة المطلقة في الآخرة هي الخلود في جنة الرضوان، اللهم اجعلنا من الخالدين في جنات النعيم يا رب العالمين.
هناك من النعم المقيدة في الدنيا من تكون نعمة من وجه وبلية من وجه آخر، فالمال نعمة، لكن عندما يميل بك هذا المال عن الحق يصير بلية، عندما تنفق هذا المال في غير مرضاة الله يصير بلية، وعندما تستخدم مالك في إغضابك لرب العباد وفي الابتعاد عن خطه وصراطه المستقيم يصير بلية، لكن المال إذا استخدمته في مرضاة الله وأنفقته فيما يرضي الله عز وجل يصير نعمة، فالمال نعمة من وجه وبلية من وجه. كذلك الولد نعمة وبلية، إن كان الولد طائعاً وربيته على طاعة الله عز وجل، وربيته على الكتاب والسنة، وربيته على حب المسلمين وحب الضعفاء والمساكين، وحب رسول الله وآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صار الولد عندئذ نعمة، أما إذا كان الولد مخنثاً أو البنت تخرج عارية إلى الطريق، ومعنى عارية أن ممن يحمل شهادة الدكتوراه تكون له بنت في الجامعة أو في الثانوية، وتكون قد بلغت أكثر من خمس عشرة سنة، وبلغت سن من تستطيع إذا تزوجت أن تلد، فإذا بهذه البنت تخرج ببنطلون مما يسمونه البنطلون الضيق الذي يفسر ساقها ورجلها، نقول: هذه عارية تماماً لم يبق إلا أن يرى الرائي منظر اللحم إن كانت البشرة سوداء أو بيضاء البشرة، لكن هو رأى جسدها واضحاً، وهذه بلية؛ لأن الله عز وجل سلب من والد هذه البنت إيمانه وسلب منه الغيرة والرجولة، وسلب منه دماء العروبة، وصار خنزيراً لا يتحرك إذا انتهكت حرمة من حرمات الله، بل إنه يشارك والعياذ بالله في أن يغري عيون الشباب الجائع إلى النظر إلى ما حرم الله. أخا الإسلام! اتق الله رب العالمين؛ لكي يكون أبناؤك نعمة عليك لا بلية، اللهم اجعل أبناءنا نعمة لنا لا بلية علينا يا رب العالمين! إذاً: فالبلية إما مطلقة أو مقيدة، والبلية المطلقة مثل: الكفر في الدنيا، فهذه بلية مطلقة، والخلود في النار في الآخرة بلية مطلقة. أما الابتلاءات المقيدة فمثل: الجوع والخوف والمرض والفقر، ولكن الله عز وجل يريد بعبده دائماً خيراً.