الوحي القرآني والعلم
يوجد اليوم في العالم أكثر من ألف مليون مسلم يتقبلون القرآن الكريم بلا تردد على أنه معجزة الله وكلمته.
ولم لا يفعلون ونحن نرى حتى الأعداء المعروفين للإسلام يكيلون عبارات الثناء من تلقاء أنفسهم فيما يتعلق بالطبيعة الإعجازية لهذا الكتاب الإلهي.
يقول القس دريف بوسوبرث سميث في كتابه (محمد والمحمدية) عن رأيه في القرآن الكريم:
(معجزة في النقاء وفي الأسلوب وفي الحكمة وفي الصدق).
وكاتب انجليزي آخر أ.ج آربري في مقدمة ترجمته الإنجليزية للقرآن الكريم يقول :
(كلما سمعت القرآن يتلى أحسست كأنما أستمع إلى موسيقى ، ومن خلال اللحن المتدفق يوجد سبر الأغوار إيقاع مستمر في إصرار كأنه دقات الطبل. إنه كدقات قلبي).
من هذه الكلمات وبقية كلمات المقدمة يبدو آربري كأنه مسلم ، ولكنه مع شديد الاسف مات خارق نطاق الإسلام.
وكاتب بريطاني آخر مارمادوك بيكتول يصف في مقدمة ترجمته الإنجليزية للقرىن شعوره حين سماع القرآن فيقول:
(هذه السيمفونية الفريدة، كل صوت فيها يحرك في الإنسان الوجد والدموع).
هذا الكاتب اعتنق الإسلام قبل أن يترجم القرآن ولسنا هنا في مجال التحقق ما إذا كان قد أحس بهذا الشعور قبل أو بعد أن يتحول إلى الإسلام.
ويقول ج كريستي ويلسن في كتابه ( تعريف بالإسلام- نيويورك 1950) بعد الإنجيل مباشرة يعتبر القرآن أكثر الكتب الدينية توقيراً وقوة.
ويقول ج شليدي .د.د في كتابه (السيد المسيح في القرآن ص111) القرآن هو إنجيل المحمديين وهو أكثر توقيراً من أي كتاب مقدس آخر سواء العهد القديم اليهودي أو العهد الجديد المسيحي.
نحن نستطيع بسهولة إضافة عشرات أخرى من عبارات الثناء إلى القائمة السابقة.
الأصدقاء والخصوم على السواء يكيلان المديح دون حقد للوحي الإلهي النهائي والأخير (القرآن الكريم).
المعاصرون لمحمد صلى الله عليه وسلم ، رأوا في جماله وجلاله، ونبل دعوته ورحابة رسالته ، آية ومعجزة من صنع الله سبحانه وتعالى ودخلوا في الإسلام.
المتشككون والماديون سوف يقولون عن كل هذا الثناء وكل هذه الشهادات أنها مشاعر ذاتية.
بل يمكن أن يبحث عن مهرب في ادعاء أنه لا يعرف العربية.
يمكن أن نسمعه يقول : ( أنا لا أرى ما تراه ولا أحس بما تحس به كيف يمكنني أن أعرف أن الله موجود، وأنه هو الذي أوحى بهذه الرسالة الجميلة إلى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ( القرآن)؟
ويستمر فيقول : ( أنا لست كاره لفلسفته الجميلة ولا لآدابه العملية وروحانيته العالية.
إنني مستعد للتسليم بأن محمد صلى الله عليه وسلم كان رجلاً مخلصاً وأعطى أسسًا عظيمة لسعادة البشرية ولكن الذي لا أستطيع أن اسلم به هو لماذا تدعون أنتم المسلمين أن هناك سلطة علوية هي التي تملي عليه الأوامر؟؟؟
ونقول له : إن منزل القرآن (الله) سبحانه وتعالى استخدم أنواعًا مختلفة من البراهين لإزالة هذا الشك.
فبالنسبة للملحدين واللاأدريين والشكاكين الذين تثقفوا ثقافة علمية عالية ويعتبرون أنفسهم عمالقة الفكر- وهم في الحقيقة أقزام ناقصو النمو- إنهم مثل قزم اكتسب نمواً غير عادي في أحد الاتجاهات الخاصة على حساب الأجزاء الأخرى من قدراته الشخصية أو الجسدية.
كرأس ضخم مثلاً على جسم ضئيل.
والخالق الأعظم يسألهم سؤالاً.
ولكن قبل أن نطرح السؤال عليهم دعني أشبع فضولي وأقول لهم ( أنتم يا رجال العلم الذين درستم علوم الفلك ودرستم الكون الخارجي من خلال المنظار المكبر والذي يجعلها واضحة كأنكم تفحصون شيئًا في راحة يدكم ، هل لكم أن تخبروني كيف كانت بداية هذا العالم؟
رجل العلم هذا بالرغم من أنه يفتقر إلى الناحية الروحية فإنه أكثر كرمًا في المشاركة بمعلوماته.
سوف يلبي في الحال: ( حسناً لقد بدأ منذ ملايين السنين حيث كان هذا العالم كتلة واحدة من المادة ثم حدث انشطار كبير في مركز هذه الكتلة الضخمة من المادة.
وبدأت أجزاء هذه الكتلة تتناثر في جميع الاتجاهات.
من هذا الانشطار الكبير تكونت مجموعتنا الشمسية وكذلك بقية المجموعات الشمسية والمجرات.
ومنذ ذلك التاريخ لم يحدث أي اضطراب أو تغيير في الكون لهذا الزخم الاصلي الناتج عن هذا الانفجار الأولى وظلت النجوم والكواكب تسبح في الفضاء كل في مداره الخاص به.
وعند هذه النقطة داعبتني الذاكرة فأصحابنا الماديون يبدو أنهم استقوا معلوماتهم هذه سراً من سورة ياسين.
قال تعالى :
{وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ{39} لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ{40}}
[يس38 :40].
العالم الملحد يستمر فيقول : ( عالمنا عالم متمدد، الأجرام السماوية الأخرى تبتعد عنا بمعدل متزايد سيصل في وقت ما إلى معدل سرعة الضوء، وعند ذلك سوف لا يكون في استطاعتنا رؤيتها مرة أخرى.
يجب علينا أن ننشء تلسكوبات أكبر وأقوى بأسرع ما يمكننا لدراسة هذه المجرات.
وإلا فقدنا الاتصال بها نهائيًا.
نحن نسأل: ( متى استطعتم اكتشاف هذه الحكايات الخرافية؟).
ولكن صاحبنا يؤكد : ( هذه ليست حكايات خرافية، إنها حقائق علمية).
ونحن نجيب: ( حسناً فنحن نتقبل الحقائق العلمية التي ذكرتها ولكن قل لنا حقيقة متى عثرتم على هذه الحقائق ؟).
وهو يجيب : ( بالأمس فقط).
على كل حال فخمسون سنة تعتبر بالأمس في عرف التاريخ الإنساني.
عربي غير متعلم أمي عاش في الصحراء منذ 1400 سنة هل يمكن أن يكون لديه أي معلومات عن هذا الانفجار الكبير أو عن عالمك الذي يتمدد؟
هل يمكن أن يخبرنا من تلقاء نفسه شيء من ذلك وهو يجيب في سرعة وحسم ( لا أبداً).
(حسنا) إذاً فلتصغي إلى ما تفوه به هذا النبي الأمي من تلقين الوحي:
{أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ }
[الأنبياء30].
يقول توماس كارليل ( مع علومنا ودوائر معارفنا فنحن عرضة لأن ننسى الخالق في معاملنا هذه ).
كيف يمكن لراكب جمل في الصحراء أن يلتقط اكتشافاتكم هذه منذ 1400 سنة إلا من عند صاحب الانشطار الكبير نفسه؟؟؟
آيات الله :
هذا الكتاب الواضح السهل ( القرآن الكريم) يقيم من نفسه شاهداً ذاتياً على صحته ، والمتتبعون للقرآن يرون آيات الله في كل اكتشاف يصل إليه الإنسان .
هذه هي آيات ومعجزات الله الرحيم العزيز ليزيل الشك ويثبت الإيمان.
( إن في ذلك لآيات للعالمين ) [الروم :22].
لا لقوة التعبير ( العالِمين) أي العلماء والذين هم في الحقيقة متمردون عصاة فقد ملأتهم معرفتهم المادية الضخمة بالزهو والغرور إنهم يفتقرون إلى التواضع الحقيقي الذي ذهب في الواقع مع المعرفة الحقيقة .