الوسائل المؤدية إلى معرفة الإيمان
لقد مارس الإنسان في أطوار حياته ضروباً من الممارسات، في التعرف على قضية الإيمان، فمنهم من اعتمد على مبدأ السببية، وهو أن لكل حدَثٍ مُحدِث، ولكل مخلوق خالق، نظروا بعقولهم، قال البدوي في القديم: البعرة تدل على البعير، والأثر يدل على المسير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، ونجوم تزهر، وبحار تزخر، أفلا يدل ذلك على السميع البصير؟! مبدأ السببية يلزمك أن تؤمن بالله؛ لأن الله يقول: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ [الطور:35-36] .. اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ * لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ [الزمر:62-63].
وبعضهم استجاب لداعي الفطرة، وداعي الفطرة الذي جعله الله فيك يقضي بأن تؤمن بأنه لا إله إلا الله، يقول الله: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [الروم:30]. فالدين القيم هو الفطرة، وهو اللباس الذي فُصِّل على مقاسك، وإذا أخذت اللباس المناسب استراحت نفسك، وإذا لبست ما ليس لك لم تسترح، ولهذا فصل للشر ( ماركس ) و( لينين ) و( استالين ) فصلوا له لباساً، وماركس ولينين يهودٌ أبناء زنا، ليسوا هم الذين خلقوا الإنسان حتى يفصلوا له اللباس، ففصلوا له لباساً لا يصلح، وهو لباس الشيوعية ، وبدءوا يُلبسون هذا اللباس للشعوب بالحديد والنار، وسجنوا وقتلوا ملايين البشر في سبيل إبقاء هذا المبدأ، وفي النهاية يصادمون سنة الله، والله غالب على أمره، وإذا بالشعوب تنتفض وتخلع هذا اللباس الخبيث، وتقول: تسقط الشيوعية، لماذا؟ لأنه لباس لم يفصله الله.
فلباسك أنت أيها المسلم! الإيمان والدين: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ [الروم:30] والذي يلبس لباساً مناسباً يستريح فيه، لكن إذا كان مقاس ثوبك مثلاً ( 58) وأخذت لك ثوباً مقاسه (30) يصلح لطفل عمره أربع سنوات، ولبسته، ولكنه ليس على قياسك، ويصل الثوب إلى سرتك، وعندما تخرج إلى الشارع، ماذا يحكم عليك الناس؟ يقولون: مجنون! انظروا إلى هذا المهبول، يلبس ثوب ولده! فتقول: يا جماعة أليس هذا بثوب؟ يقولون: ثوب، لكنه ليس مناسباً لك.
وإذا لبست حذاءً لولدك، واستطعت أن تدخل إصبعك الكبيرة فيه، ومشيت به في الشارع، أو ذهبت به إلى العمل، ماذا يقول لك الناس؟ يقولون: أصبح مجنوناً جاء في حذاء ولده! سبحان الله! من يلبس حذاء ليست له، أو ثوباً ليس له يقال عنه: مجنون، إذاً كيف بمن يعتنق ديناً محرفاً باطلاً ليس له؟! كيف بمن يعيش على مبدأ ليس له؟ إنه مجنون -والله- ألفُ مجنون، بل يوم القيامة يقولون عن أنفسهم: وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ [الملك:10]. فالبس اللباس الذي أجازه الله، فطرة الله، دين الله، الدين الذي شرعه الله هو الإيمان، حتى تستريح وتسعد في الدنيا والآخرة.