بديهيات عامة
الآن، هناك أمور نعتبرها" حقائق عامة" فقط لأن الجميع حولنا مجموع على صحتها، وفي الواقع هذه الأفكار أساسية، بحيث أنها جزء مما يجعلنا بشراً، وإن لم يتفق معها أحد فقد نعتبره مجنوناً.
كمثال مبدأي:" الجزء من الشئ هو أقل من مجموعة" هو حقيقة عامة، هو معلوم لكل البشر، ولهذا السبب نطلق عليه منطقاً متعارفاً وهو: بديهة عامة – Common sense- أي: شئ واضح بشكل لا يحتاج لشرح، هل توافقنى إلى الآن؟ هاك مثل آخر:"الشئ لا يأتي من عدم"أو "النظام لا ينتج عفويا عن الفوضى".
ما الذي في مجمل التجربة الإنسانية قد يدفعنا لنعتقد أن شيئا ينتج من اللا شئ أو العدم؟ أو أن النظام ينتج عفويا عن الفوضى؟
نعم هذا صحيح، لا شئ ففي الحقيقة أن كل ما نختبره باستمرار، هو أنه كلما كان هناك ترتيب أو شكل أو أنظمة: فإن لها مٌرتب أو مٌشكل أو مٌنظم، وأنه كلما زاد التعقيد و الترتيب في الأنظمة، وكلما زادت وظيفتها، زاد مستوى الذكاء لتشكيلها.
هناك حقيقتان يمكننا استخدامها لنعقل العالم والكون والحياة، حيث تخبرنا التجربة الإنسانية العالمية أننا عندما نجد أن شيئا يعمل وفقاً لأنظمة، قوانين وأنماط، فإن هناك شيئاً ما وراءه قد صنع تلك الأنظمة. ولهذا السبب فإن الجيولوجي قد يجد قطعة من الفخار تحت الأرض ويكون متأكدا أن هناك أناسا لم يرهم أبدا قد صنعوا تلك القطعة الفخارية. حتى أنه يستطيع إخبارنا عددا من الأشياء عن هؤلاء الناس: ثقافتهم، المستوى العلمي عندهم، فقط من القطعة الفخارية، وهو على علم أنها صممت ليس كنتيجة لبعض الحركات العشوائية من الأرض والشمس ونار الغابة الطبيعية والتي اجتمعت مع بعضها بطريقة ما لتنتج هذه القطعة من الفخار المحروق. ربما أن هذا يمكن أن يحدث، لكنه مستبعد جداً، وفي الواقع: كلما رأى هذا الشخص الكثير من هذه القطع الفخارية قلت هذه الاحتمالية، وزاد إيمانه بأن هذه القطعة مصممه عن قصد، (إن كان عنده شك في بادئ الأمر!).
لنأخذ مثلا آخر لشئ يملكه معظمنا، ونستخدمه في حياتنا اليومية: الهاتف المحمول. هاتفك المحمول مركب من بعض العناصر الأساسية: بلاستيك، زجاج، سيليكون للشريحة، وبعض المعادن الثمينة. فالبلاستيك ينتج من النفط، والزجاج والسيليكون من الرمال، أى إنه بشكل أو بآخر ما تحمله بيدك هو نفط ورمال، لكن ماذا إذا قلت لك أني كنت أمشي في صحراء العرب (التي تحتوي على الكثير من النفط والرمال) والتقطت هاتفا محمولاً وجدته على الأرض هناك وأنه كان نتاج بلايين السنيين من الحوادث العشوائية؟ حيث هبت الرياح وأشرقت الشمس عليه، والأمطار هطلت، و ضرب البرق، وتكونت فقاعات الزيت، وخطت الجِمال فوق المزيج لملايين السنين، فكوّن هذا الهاتف المحمول نفسه، وبشكل طبيعي التقطته أنا، وضغطت زر المكالمة: "مرحباً أمي"!
هل هناك فرصة أن هذا قد تشكل بنفسه عشوائيا عبر عمليات طبيعية؟ مهما كان الاحتمال بعيداً فمعظمنا لن يقبل هذا التفسير على أنه منطقي.