حق الخالق وحق المخلوق
· قال الله - عز وجل - : { وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً } .
-قال ابن كثير:يأمر تبارك وتعالى بعبادته وحده لا شريك له؛ فإنه هو الخالق الرازق المنعم المتفضل على خلقه في جميع الآنات والحالات، فهو المستحق منهم أن يوحدوه، ولا يشركوا به شيئا من مخلوقاته، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ: "أتَدْرِي ما حَقُّ الله على العباد ؟" قال: الله ورسوله أعلم. قال: "أن يَعْبدُوهُ ولا يُشْرِكُوا به شيئا"، ثم قال: "أتَدْري ما حَقُّ العبادِ عَلَى اللهِ إذا فَعَلُوا ذلك؟ ألا يُعَذِّبَهُم".
·قال ابن رجب: فجمع الله تعالى في هذه الآية بين ذكرِ حقِّه على العبد وحقوقِ العباد على العبد أيضاً ، وجعل العبادَ الذين أمرَ بالإحسان إليهم خمسة أنواع:
- أحدها :من بينَه وبينَ الإنسان قرابةٌ ، وخصَّ منهمُ الوالدين بالذِّكر ؛ لامتيازهما عن سائر الأقارب بما لا يَشْرَكونهما فيه ، فإنَّهما كانا السببَ في وجود الولد ولهما حقُّ التربية والتأديب وغير ذلك .
- الثاني :مَنْ هو ضعيفٌ محتاجٌ إلى الإحسان ، وهو نوعان : من هو محتاج لضعف بدنه ، وهو اليتيم ، ومن هو محتاج لِقِلَّةِ ماله ، وهو المسكين .
- الثالث:مَنْ له حقُّ القُرب والمخالطة، وجعلهم ثلاثة أنواع: جارٌ ذو قربى ، وجار جنب (البعيد عنك في الجوار أو النسب)، وصاحبٌ بالجنب (الرفيق في السفر أو صناعة وقيل الزوجة) .
- الرابع :من هو واردٌ على الإنسان ، غيرُ مقيم عندَه ، وهو ابن السبيل يعني : المسافر إذا ورد إلى بلدٍ آخر ، وفسَّره بعضُهم بالضَّيف.
- الخامس :ملكُ اليمين، وقد وصَّى النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بهم كثيراً وأمر بالإحسانِ إليهم ، وروي أنَّ آخرَ ما وصَّى به عند موته:( الصلاة وما ملكت أيمانكم )، وأدخل بعضُ السَّلف في هذه الآية : ما يملكُهُ الإنسان من الحيوانات والبهائم.