س/ ما معنى التأويل وما موقف السلف منه ؟
س/ ما معنى التأويل وما موقف السلف منه ؟
التأويل هو: صرف اللفظ عن معناه الظاهر إلى معنى يتناسب مع رأي المتكلم ومذهبه وقد استخدم المتكلمون هذا التأويل لرد كل ما يخالف مذهبهم من نصوص الصفات وألفوا لذلك كتب خاصة أجمعها كتاب أساس التقديس للرازي ومن كتبهم في هذا الصدد كتاب تأويل مشكل الحديث لابن فورك وتأويل متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار وقد فشت هذه التأويلات في كتب التفسير وشروح الحديث وسنذكر نماذج من هذه التأويلات:
1- تأويل نصوص العلو بعلو القدر والمكانة لا بعلو الذات.
2- تأويل نصوص الاستواء بالاستيلاء لا بالعلو والارتفاع.
3- تأويل نصوص النزول بنزول أمر الله أو نزول ملك لا نزول الله حقيقة.
4- تأويل صفة اليد بالنعمة أو القدرة لا باليد الحقيقية.
5- تأويل صفة الرحمة بإرادة الثواب أو بالثواب نفسه , وهكذا تفسير الغضب بإرادة الانتقام أو بالعقاب نفسه.
6- تأويل قول الله تعالى ( وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا )[1] بأن المراد تجريحه لا مخاطبته أخذاً من الكلم وهو الجرح وهذا تأويل المعتزلة.
7- تأويل نصوص الرؤية بالرؤية العلمية لا البصرية وهذا تأويل المعتزلة.
وهكذا استخدم المتكلمون التأويل لرد كل ما يخالف مذهبهم من نصوص الصفات , وقد أنكر السلف هذا التأويل الكلامي وألفوا كتاباً خاصة في رده ونقضه ويمكن تلخيص معالم نقدهم له في النقاط التالية:
1- أن التأويل بهذا المعنى الكلامي لم يرد في كتاب ولا في سنة وإنما التأويل في القرآن والسنة إما بمعنى التفسير كقوله تعالى ( ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا )[2] وقوله ( هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ )[3] أو بمعنى حقيقة الخبر أو الأمر فحقيقة الخبر وقوعه وحقيقة الأمر امتثاله كما في قوله تعالى ( هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ )[4] أي وقوعه كما أخبر عنه وكما في قوله صلى الله عليه وسلم كما روي عنه عن عائشة - رضي الله عنها -: قالت: ( كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يُكثِرُ أن يَقُولَ في رُكُوعِهِ وسُجودِهِ: سُبحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمدِكَ، اللَّهُمَّ اغفِر لي، يَتَأوَّلُ القُرآنَ )[5] أي يمتثل أمر الله المذكور في قوله تعالى ( فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا )[6] فهذا معنى التأويل في القرآن والسنة وقد استخدم المتكلمون هذا اللفظ الشرعي ليكون قناعاً لتحريف الكلام عن مواضعه ولهذا يسمي علماء السلف تأويلهم تحريف.
2- أن المتكلمين فتحوا الباب على مصرعيه لكل مبتدع يريد رد النصوص فأستخدمه الفلاسفة لرد نصوص البعث وأستخدمه القرامطة لرد نصوص الشرائع وأستخدمه الشيعة في القدح في الصحابة.
3- أن التأويل الكلامي يعني أن القرآن إنما رمز للحق في الصفات رموز لم يهتدي إليها إلا المتكلمون الذين جاءوا من بعد الصحابة بقرون وألفوا كتبهم في تأويل الصفات وهذا من أعظم القدح في بيان القرآن وتبليغ الرسول وفهم الصحابة.
-----------------
[1] : سورة النساء آية رقم ( 164 ) .
[2] : سورة الكهف آية رقم ( 82 ) .
[3] :سورة يوسف آية رقم ( 100 ) .
[4] : سورة الأعراف آية رقم ( 53 ) .
[5] : أخرجه البخاري في صحيحه باب التسبيح والدعاء في السجود ج/1 ص/281 برقم ( 784 ) ومسلم في صحيحه باب ما يقال في الركوع والسجود ج/1 ص/350 برقم ( 217 ) وغيرهم .
[6] : سورة النصر آية رقم ( 3) .