صور من عبادة السر : 2- العلم ، 3- قراءة القرءان ، 4- الذكر
2- العلم:
وأعظم العلم معرفة الله تعالى، والعلم علمان علم نافع وهو: علم القلب بالله تعالى ومحابّه، وعلم اللّسان من معرفة ما شرع الشّارع فذاك حجّة الله على خلقه، فعن جابر بن عبد اللّه- رضي اللّه عنهما- قال:
قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم:
((العلم علمان: علم في القلب، فذاك العلم النّافع، وعلم على اللّسان، فذاك حجّة اللّه على ابن آدم)).
وقال بعض العلماء: "العلم صلاةُ السرِّ، وعبادةُ القلبِ". بل العلم من أجَلّ العبادات وأعظمها قربة لله، فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: ((تعلّموا العلم فإنّ تعلّمه لله خشية، وطلبه عبادة)).
قال الغزالي رحمه الله تعالى: العلم عبادة القلب،وصلاة السّرّ، وقربة الباطن، كما لا تصحّ الصّلاة التي هي وظيفة الجوارح الظّاهرة إلاّ بتطهير الظاهر عن الأحداث والأخباث، فكذلك لا تصحّ عبادة الباطن وعمارة القلب بالعلم إلاّ بعد طهارته عن خبائث الأخلاق وأنجاس الأوصاف).
3- قراءة القرءان:
عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم - يقول:
((الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة، والمسرُّ بالقرآن كالمسرِّ بالصدقة))
، قال الترمذي: ((ومعنى هذا الحديث أن الذي يسرُّ بقراءة القرآن أفضلُ من الذي يجهر بقراءة القرآن؛ لأن صدقة السِّر أفضل عند أهل العلم من صدقة العلانية)).
ولقد طفق بعض الصالحين من السلف رحمهم الله تعالى على إسرار قراءته حتى لا يرى أنه أكثر الناس تلاوة للقرآن فقد ذكر ابن الجوزي في صفوة الصفوة.عن سفيان قال: أخبرتني مرية الربيع بن خثيم قالت: "كان عمل الربيع كله سرا، إن كان ليجيء الرجل وقد نشر المصحف، فيغطيه بثوبه).
أي إذا قدم الرّجل على الرّبيع قام الرّبيع فغطّى المصحف بثوبه حتىّ لا يرى الرّجل أنّه يقرأ القرآن.
4- الذكر:
ذكر ابن جرير الطبري وغيره اختلاف السلف في ذكر القلب واللّسان أيهما أفضل، قال القاضي: والخلاف عندي إنما يتصور في مجرد ذكر القلب تسبيحا وتهليلاً وشبههما وعليه يدل كلامهم، لا أنهم مختلفون في الذكر الخفي الذي ذكرناه وإلا فذلك لا يقاربه ذكر اللسان فكيف يفاضله؟ وإنما الخلاف في ذكر القلب بالتسبيح المجرد ونحوه، والمراد بذكر اللسان مع حضور القلب فإن كان لاهيا فلا، واحتج من رجح ذكر القلب بأن عمل السر أفضل، ومن رجح ذكر اللسان قال لأن العمل فيه أكثر، فإن زاد باستعمال اللسان اقتضى زيادة أجر.
قال القاضي: واختلفوا هل تكتب الملائكة ذكر القلب فقيل تكتبه ويجعل الله تعالى لهم علامة يعرفونه بها، وقيل لا يكتبونه لأنه لا يطلع عليه غير الله، .قلت: الصحيح أنهم يكتبونه وأن ذكر اللسان مع حضور القلب أفضل من القلب وحده والله أعلم