فصل في أسمائه تعالى الشهيد ، الرقيب
ومن أسمائه الحسنى (الشهيد، والرقيب) وهو المطلع على ما في الضمائر وأكنته السرائر ولحظته العيون وما اختفى في خبايا الصدور، فكيف الأقوال والأفعال الظاهرة. ومقام الإحسان الذي هو مقام "المراقبة" التعبد لله بهذين الاسمين الكريمين، وحفظ الخواطر أن تساكن ما لا يحب الاطلاع عليه.
ومن أسمائه (الحفيظ) وهو يتضمن شيئين: حفظه على العباد جميع ما عملوه بعلمه وكتابته وأمره الكرام الكاتبين بحفظه، وحفظه لعباده من جميع المكاره والشرور، وأخص من هذا حفظه لخواص عباده الذين حفظوا وصيته وحفظوه بالغيب بحفظ إيمانهم من النقص والخلل، وحفظهم وحمايتهم من الخطل والزلل، وحفظه عليهم دينهم ودنياهم.
قال النبي صلى الله عليه وسلم
"احفظ الله يحفظك"
([1])
أي احفظ أوامره بالامتثال، ونواهيه بالاجتناب، وحدوده لا تتعدها، يحفظك في دينك ودنياك.
ومن أسمائه الحسنى (اللطيف) الذي لطف علمه حتى أدرك الخفايا والخبايا، وما احتوت عليه الصدور، وما في الأراضي من خفايا البذور. ولطف بأوليائه وأصفيائه فيسرهم لليسرى، وجنبهم العسرى، وسهل لهم كل طريق يوصل إلى مرضاته وكرامته، وحفظهم من كل سبب ووسيلة توصل إلى سخطه، من طرق يشعرون بها، ومن طرق لا يشعرون بها. وقدر عليهم أموراً يكرهونها لينيلهم ما يحبون، فلطف بهم في أنفسهم فأجراهم على عوائده الجميلة وصنائعه الكريمة، ولطف لهم في أمور خارجة عنهم لهم فيها كل خير وصلاح ونجاح، فاللطيف مقارب لمعاني الخبير الرؤوف الكريم
ومن أسمائه (الرفيق) في أفعاله وشرعه. ومن تأمل ما احتوى عليه شرعه من الرفق وشرع الأحكام شيئاً بعد شيء وجريانها على وجه السداد واليسر ومناسبة العباد وما في خلقه من الحكمة إذ خلق الخلق أطواراً، ونقلهم من حالة إلى أخرى لحكم وأسرار لا تحيط بها العقول، وهو تعالى يحب من عباده أهل الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف ويسر من جرى على ما يحبه أموره كلها.والرفق من العبد لا ينافي الحزم، فيكون رفيقاً في أموره متأنياً، ومع ذلك لا يفوت الفرص إذا سنحت، ولا يهملها إذا عرضت.
ومن أسمائه (المجيب) لجميع الداعين، وإجابة خاصة للمضطرين، وأخص من ذلك إجابته للمحبين الخاضعين لعظمته المنكسرة قلوبهم من أجله، فإجابته تعالى عامة للمخلوقات برها وفاجرها، بإعطائهم ما سألوه بلسان المقال، وما احتاجوه بلسان الحال،
كما قال تعالى
"وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ"
سورة إبراهيم من آية 34
، والإجابة المذكورة أسبابها في الكتاب والسنة كإجابته للمضطرين وللمحبين والوالد لولده والمسافر والمريض ونحوهم.
ومن أسمائه (المغيث) وهو المنقذ من الشدائد الفادحة والكروب
"قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ"
سورة الأنعام آية 63.
ومن أسمائه الحسنى (الجواد، الكريم، الوهاب) الذي عم بجوده أهل السماء والأرض، فما بالعباد من نعمة فمنه، وهو الذي إذا مسهم الضر فإليه يرجعون، وبه يتضرعون فلا يخلو مخلوق من إحسانه طرفة عين، ولكن يتفاوت العباد في إفاضة الجود عليهم بحسب ما من عليهم من الأساليب المقتضية لجوده وكرمه، وأعظمها تكميل عبودية الله الظاهرة والباطنة، العلمية والعملية، القولية والفعلية، والمالية، وتحقيقها باتباع محمد صلى الله عليه وسلم في الحركات والسكنات.
المراجع
- رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.