فصل في اسمه تعالى الودود ، الشكور
ومن أسمائه الحسنى (الودود) بمعنى الواد وبمعنى المودود، فهو المحبوب لأنبيائه ورسله وأتباعهم محبة لا يشبهها ولا يماثلها شيء من المحاب، كما أن محبوبه ليس كمثله شيء في كماله، فلا يرون كمالاً لهم ولا صلاحاً ولا فلاحاً إلا بمحبة ربهم، ومحبته في قلوبهم أحلى من كل شيء وألذ من كل شيء وأقوى من كل شيء، وبقوة محبته قاموا بعبوديته الظاهرة والباطنة، وروح العبودية هي المحبة وهو الذي وضع هذه المحبة في قلوبهم فأحبوه، وكل من كانت محبته أكمل كانت عبوديته لله أقوى وأتم يحبون ربهم لذاته، ويحبونه لما قام به من صفات الكمال ونعوت الجلال والجمال، ويحبونه لما يغذوهم به من نعمه الظاهرة والباطنة، وخصوصاً أكبر النعم وهو نعمة الإسلام الخالص والإيمان الكامل، وهو تعالى يحبهم لكمال إحسانه وسعة بره، بل حبهم لله تعالى محفوف بحبين منه لهم: حب وضعه في قلوبهم فانقادوا له طوعاً واطمأنت به قلوبهم، ثم أحبهم جزاء حبهم، وكمل لهم محبته. والفضل كله منه، والمنة لله أولاً وآخراً، فمن تقرب منه شبراً تقرب الله منه ذراعاً، ومن تقرب منه ذراعاً تقرب منه باعاً، ومن أتاه يمشي أتاه الله هرولة، كما نطق به الصادق المصدوق.
ومن أسمائه الحسنى (الشكور) وهو الذي يشكر القليل من العمل الخالص النقي النافع، ويعفو عن الكثير من الزلل، ولا يضيع أجر من أحسن عملاً، بل يضاعفه أضعافاً مضاعفة بغير عد ولا حساب. ومن شكره أنه يجزي بالحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وقد يجزي الله العبد على العمل بأنواع من الثواب العاجل قبل الآجل، وليس عليه حق واجب بمقتضى أعمال العباد، وإنما هو الذي أوجب الحق على نفسه كرماً منه وجوداً، والله لا يضيع أجر العاملين إذا أحسنوا في أعمالهم وأخلصوها لله تعالى.
ومن أسمائه الحسنى (الغفور، الغفار، التواب) الذي يغفر ذنوب التائبين الغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى، الرجاع لعباده بالخيرات وحلول البركات ومغفرة الذنوب وستر العيوب. وتوبة العبد محفوفة بتوبتين من ربه: تاب عليه أولاً فأقبل بقلبه على التوبة والإنابة والرجوع، ثم تاب عليه ثانياً بالقبول والجزاء والإحسان.