فضل الاستغفار (1)
ورد في فضل الاستغفار نصوص في الكتاب والسنة، كلها تشير إلى أهمية الاستغفار وفضله، وكثرة خيره وبركته، وكبير عوائده وفوائده، على المستغفِر والمستغفَر له، وقد تنوَّعت دلالات نصوص القرآن والسنة في ذلك ما بين أمرٌ به وإرشادٌ إليه، وحكاية ما عليه حال الأنبياء - عليهم السلام - من التمسُّك به، كلُّ ذلك لبيان فضله، ولكونه عبادة محبَّبة إلى الله تعالى .
فممَّا يدلُّ على فضل الاستغفار :
أولاً- ثناء الله تعالى على المستغفرين :
يقول تعالى : ( وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ ) [الذاريات: 18].
والأسحار: جمع «سَحَر»، وهو من ثُلث الليل الأخير، وتخصيص السحر بالاستغفار لأنَّ الدعاء فيه أقرب إلى الإجابة، إذ العبادة حينئذ أشـقُّ والنفس أصفى، والربُّ تعالى ينزل نزولاً يليق بجلاله وعظمته إلى سماء الدنيا، ويقول: «هل من مستغفر فاغفر له؟» (حديث قدسي أخرجه مسلم وغيره من حديث أبي هريرة).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " والناس في آخر الليل يكون في قلوبهم من التوجه والتقرُّب والرقَّة ما لا يوجد في غير ذلك الوقت، وهذا مناسب لنزوله إلى سماء الدنيا وقوله: «هل من داع؟ هل من سائل؟ هل من تائب»" (مجموع الفتاوى 5/130-131).
ولذلك لَمَّا طلب أبناء يعقوب عليه السلام من أبيهم أن يستغفر لهم، أجَّلهم إلى السَّحر، وقال: «سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي» [يوسف: 98]. قاله ابن مسعود والنخعي وعمر بن قيس وابن جريج وغيرهم (تفسير ابن كثير 4/٥١٥).
و هكذا قال إبراهيم لأبيه : ( سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا ) [مريم: 47]. قيل: إنه أخَّر الاستغفار له إلى السحر.