في عهد الذكر
نستهل هذا الفصل ببصيرتين من كتاب الله تعالى، لهما دلالة النور للقلب السالك في ظلمات الحيرة والتيه. فاقرأ وتدبر! ولا تعجل حتى تستكمل شعاع النور!
فأما أولاهما فهي قول رب العزة جل وعلا:
{إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون}
(الأنفال:2).
هذه بصيرة من بصائر القرآن، ذات مسلك عجيب في التعرف إلى الله. فاسأل نفسك أين أنت منها؟ أو ـ بعبارة أخرى أكثر تفصيلاً ـ اسأل: ماذا تعرف عن الله؟ وما منزلة قلبك بين الخوف والرجاء؟ فإنما أن القلب ينعم بجمال (الوجل)، كلما استنار بجلال التعرف إلى الله، وإما:
{فويلٌ للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين!} .
(الزمر: 22)
وأما الثانية فهي
قوله تعالى:
{ومن يعش عن ذكر الرحمن نفيض له شيطاناً فهو له قرين}
(الزخرف:36).
وذلك طريق من لم يعرف نور الذكر إلى قلبه مسلكاً! فأنى يكون من المبصرين؟ ولك الآن أن تسأل: كيف الخروج إلى مسلك النور؟ كيف التخلص من غفلة العشو عن ذكر الرحمن؟ ثم كيف يكون تحصيل القلب الوجل من مكر الله؟