كيف تتعبد لله تعالى باسمه الوكيل ؟
كيف تتعبَّد لله تعالى باسمه " الوكيل " ؟
1) الاعتقاد الجازم بأن الوكيل من أسماء الله الحسنى ، و أن لله عز وجل من هذه الصفةِ الكمالَ المطلق .
2) التعبُّد لله تعالى بعبادة التوكل عليه ، و الاعتماد الكلي عليه ، و تفويض الأمور كلها إليه .
3) التوسُّل إلى الله تعالى عند الدعاء بأني توكلت عليك وحدك ، فهذا نبي الله شعيب يقول : ﴿ عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ ﴾ . [الأعراف: 89]
4) التعبُّد لله تعالى بترك التشاؤم ( التطير ) الذي هو ضد التوكل ؛ قال النبي صلى الله عليه و سلم : " لا عدوى و لا طِيرة " ، و قال أيضًا : " الطِّيَرة شِرك " ، و قال أيضًا في وصف الذين يدخلون الجنة بلا حساب و لا عذاب : " و لا يتطيَّرون ، و على ربهم يتوكَّلون " .
5) التعبُّد لله تعالى بالتماس رضاه ، و لو كان فيه سخَط الناس ، و التعبُّد كذلك بعدم طلب رضا الناس إذا كان فيه سخط الله عز وجل ؛ لأني إذا التمست رضاه كفاني مؤونة الناس ، و لم يَكِلْني إليهم ، و إذا التمست رضاهم دونه وكلني إليهم فلم يكن هو وكيلي ، و لم يحصل مني التوكل عليه دونهم ؛ قال النبي صلى الله عليه و سلم : " مَن التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه ، و أرضى عنه الناس ، و من التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه ، و أسخط عليه الناس " .
6) التعبُّد لله عز وجل بأخذ الأسباب التي أمرنا بها ، وهي مِن باب التوكل عليه، ولا تنافي التوكل في شيء؛ لأن الله تبارك وتعالى لا يأمرنا بشيء ينافي عبادته، فما جاءت الشريعة إلا بعبادته، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم وكَّل بلالًا أن يوقظهم للصلاة، ووكل أبا هريرة بحفظ زكاة رمضان ، و وكل أقوامًا بتسوية الصفوف للصلاة، ولا يمكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتوكل على غير الله عز وجل .
وهذا يفيدنا أن توكيل المخلوق فيما أقدره الله عليه لا بأس به؛ بشرط ألا يعتقد الموكِّل أن الموكَّل يملِك نفعًا أو ضرًّا، أو أن له تأثيرًا في إنجاز هذا العمل، وإنما يَدين أن الأمور كلها بيد الله تعالى؛ ولذلك لم تقَعْ ملامة من النبي صلى الله عليه وسلم لبلال عندما نام عن الصلاة حتى أيقظتهم الشمس وفاتتهم الصلاة، خاصة عندما قال بلال: أخَذ بنفسي الذي أخذ بأنفسكم.
7) التعبُّد لله عز وجل بترك الأسباب والأعمال التي يكلني فيها الله إلى نفسي؛ لأنها تنافي التوكل على الله تعالى، ومن ذلك:
أ - القضاء الظالم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله مع القاضي ما لم يجُرْ، فإذا جار وكله إلى نفسه))، وهذا يعني أنه إذا كان يتحرى العدل فهو متعبد بالتوكل على الله تعالى.
ب - سؤال الإمارة؛ فإن مَن سألها وُكل إلى نفسه، ومن أتته من غير بحث عنها أعانه الله عليها؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((لا تسأل الإمارة؛ فإنك إن تُعْطَها عن مسألةٍ توكل إليها، وإن تُعْطَها عن غير مسألةٍ تُعَنْ عليها))، ولقوله: ((مَن أُكره على عملٍ أعين عليه، ومن طلب عملًا وكل إليه)).
ت - التعلق بغير الله تعالى؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((مَن تعلق شيئًا وُكل إليه)).
ث - العلاج بالكي؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لم يتوكل مَنِ استرقى أو اكتوى))، قال البيهقي: وذلك لأنه ركِبَ ما يستحب التنزه عنه من الاكتواء والاسترقاء؛ لما فيه من الخطر، ومن الاسترقاء بما لا يعرف من كتاب الله عز وجل أو ذِكره؛ لجواز أن يكون شركًا، أو استعملها معتمدًا عليها لا على الله تعالى فيما وضع فيهما من الشفاء، فصار بهذا أو بارتكابه المكروه بريئًا من التوكل، فإن لم يوجد واحد من هذين وغيرهما من الأسباب المباحة لم يكن صاحبها بريئًا من التوكل، والله تعالى أعلم.
التعبُّد لله تعالى بدعائه ألا يَكِلني إلى نفسي، ولا إلى أحد من الناس، وهذا مقتضاه أن يجعل توكلي عليه وحده، وقد وردت أدعية نبوية عديدة بهذا المعنى، منها:
أ - ((اللهم رحمتَك أرجو؛ فلا تكلني إلى نفسي طرفة عينٍ، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت)).
ب - أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحدٍ: ((يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث، اكفِني كل شيءٍ، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عينٍ)).
ت - ((اللهم فاطرَ السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، إني أعهد إليك عهدًا في هذه الحياة الدنيا، أني أشهَدُ أن لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، وأن محمَّدًا عبدك ورسولك، فإنك إن تكِلْني إلى نفسي تقربني من الشر، وتباعدني من الخير، وإني لا أثق إلا برحمتك، فاجعله لي عندك عهدًا تؤديه إليَّ يوم القيامة، إنك لا تخلف الميعاد)).
8) التعبُّد لله تعالى بدعاء الخروج من البيت، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: ((مَن قال - يعني إذا خرج من بيته -: بسم الله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، يقال له: كُفِيت، ووُقِيت، وتنحَّى عنه الشيطان))، وكذلك بمثل قوله: ((بسم الله، توكلتُ على الله، اللهم إنا نعوذُ بك مِن أن نَزِلَّ أو نَضِلَّ، أو نَظلم أو نُظلم، أو نَجهل أو يُجهل علينا)).
و كذلك بمثل قوله : " ما مِن مسلم يخرج من بيته يريد سفرًا أو غيره فقال حين يخرج: بسم الله، آمنت بالله، اعتصمت بالله، توكلت على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله - إلا رُزِقَ خيرَ ذلك المخرج، وصُرف عنه شر ذلك المخرج " .
9) التعبُّد لله عز وجل صباحا ومساءً في الأذكار بأن أقول ما جاء في قوله صلى الله عليه و سلم : " مَن قال إذا أصبح وإذا أمسى: ربي الله، توكلت على الله، لا إله إلا هو، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم، لا إله إلا الله العلي العظيم، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، أعلم أن الله على كل شيء قدير، وأن الله قد أحاط بكل شيء علمًا ثم مات دخل الجنة " .
10) التعبُّد لله جل جلاله عند ظهور الدجال بما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن رأسَ الدجال من ورائه حُبُكٌ حُبُكٌ، وإنه سيقول: أنا ربكم، فمن قال: أنت ربي افتتن، ومن قال: كذبتَ، ربي الله وعليه توكلت وإليه أنيب، فلا يضره، أو قال: فلا فتنة عليه " .
11) التعبُّد لله جل جلاله في دعاء الاستفتاح من صلاة الليل بما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوله: ((اللهم لك الحمد، أنت نور السموات والأرض، ولك الحمد، أنت قيَّام السموات والأرض، ولك الحمد، أنت رب السموات والأرض ومن فيهن، أنت الحق، وقولك الحق، ووعدك الحق، ولقاؤك حق، والجنة حق، والنار حق، والساعة حق، اللهم لك أسلمتُ، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمتُ وأخرتُ، وأسررت وأعلنت، أنت إلهي لا إله إلا أنت)).
12) التعبُّد لله تعالى بأن أقول في الركوع : " اللهم لك ركعتُ ، و لك خشعت ، و لك أسلمت ، و بك آمنت ، و عليك توكلت ، و إليك أنبت ، و إليك المصير " .
13) التعبُّد لله تعالى بأن أقول عند نومي ما رواه البراء بن عازب: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال له: ((إذا أخذتَ مضجعك فتوضَّأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: اللهم إني أسلمت وجهي إليك، وفوضتُ أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبةً ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت، واجعلهن من آخر كلامك، فإن مت من ليلتك متَّ وأنت على الفطرة))، قال: فرددتهن لأستذكرهن، فقلت: آمنت برسولك الذي أرسلت، قال: ((قل: آمنت بنبيك الذي أرسلت)).
14) التعبُّد لله عز وجل بهذا الدعاء : " اللهم لك أسلمت ، و بك آمنت ، و عليك توكلت ، و إليك أنبت ، و بك خاصمت، أعوذ بعزتك، لا إله إلا أنت، أن تُضِلَّني، أنت الحي الذي لا تموت، والجنُّ والإنس يموتون " .
15) التعبُّد لله عز وجل بقولنا : " حسبنا الله و نعم الوكيل " ، و ذلك عند اشتداد الكرب ، و في كل صباح و مساء ؛ تأسيًا بالأنبياء جميعًا عند الكرب ، و تأسيًا برسولنا الكريم في الصباح و المساء .
عن ابن عباس : " حسبنا الله ونعم الوكيل : قالها إبراهيمُ عليه السلام حين ألقي في النار ، و قالها محمد صلى الله عليه و سلم حين قالوا: ﴿ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ [آل عمران: 173] " . رواه البخاري
و عن أبي سعيدٍ الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " كيف أنعَمُ و قد التقم صاحبُ القَرْنِ القَرْنَ ، و حنى جبهته ، و أصغى سمعه متى يؤمر فينفخ في الصور ؟ " ، قالوا : فما تأمرنا يا رسول الله ؟ قال : " قولوا : حسبنا الله و نعم الوكيل ، توكلنا على الله " .
و عن عبدالله بن بريدة عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " مَن قال إذا أصبح وإذا أمسى: ربي الله الذي لا إله إلا هو العلي العظيم، توكلتُ على الله، وهو رب العرش العظيم، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، أعلم أن الله على كل شيءٍ قدير، وأن الله قد أحاط بكل شيءٍ علمًا ثم مات دخل الجنة " .
وعن هشام بن عامرٍ قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن رأسَ الدجال من ورائه حُبُكٌ حُبُكٌ، وإنه سيقول: أنا ربكم، فمَن قال: أنت ربي افتتن، ومن قال: كذبتَ، ربي الله وعليه توكلت وإليه أنيب، فلا يضره، أو قال: فلا فتنة عليه " .