كيف ينسى مشركو اليوم ربهم عند الشدائد و يلجؤون لأوليائهم !
كيف ينسى مشركو اليوم ربهم عند الشدائد و يلجؤون لأوليائهم
أما مشركو هذا الزمن من القبوريين فهم على النقيض من المشركين الأولين، فلا يدعون الله ولا يتضرعون إليه إلا في الرخاء.
أما إذا اشتد بهم كرب أو ضاق بهم مسلك أو تعذر عليهم مطلب، فإنهم ينسون الله وتعالى ويذكرون أولياءهم فيجعلون منهم آلهة، فيتقربون إليهم في ضراعة وخشوع بالدعاء والذبح والنذر والخوف والرجاء.
فالبدوي والجيلاني والرفاعي والتيجاني والعيدروس وابن عيسى وغيرهم من الأولياء، لا تسمع الهتاف الحار بأسمائهم، والتوجه بالدعاء الخالص إليهم، إلا عند الشدائد.
والقبوريون إذا ركبوا البحر وأحدق بهم الخطر نسوا الله سبحانه وتعالى، وذكروا أولياءهم، وسارعوا بالابتهال والدعاء إليهم، مستغيثين ومستنجدين، قائلين في ذلة وضراعة: مدد يا بدوي، يا جيلاني، يا رفاعي ... إلخ، فتراهم يناجونهم وكأنهم عندهم حاضرون.
ولو رأيتهم في هلع وذلة كيف يتبارون في نذر النذور لهؤلاء القبوريين ويتعهدون بتقديم القرابين عند قبورهم إن هم نجوا من الغرق – لأدركت مدى حقارة الشرك وخسة الكفر التي تمرغ كرامة الإنسان في مزابلها وأوحالها، حيث تنحدر به من مرتبة الإنسان العاقل إلى منزلة أحط من منزلة الأنعام السائمة.
وأي حقارة وخسة ومهانة أحط من أن ينصرف الإنسان بقلبه عن خالقه ورازقه، عن ربه الذي هو معه يسمع ويرى، ثم يتوجه في ضراعة وخشوع إلى عظام نخرة عجزت عن صد غارات الدود الذي اقتتل على التهام اللحم المحيط بها في القبر يتوجه إليها، فيطلب منها العون والمدد داعيًا إياها ومستغيثًا بها لتسارع لإنقاذه من الغرق؟؟
وصدق الله العظيم : ( وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ ) . [الأحقاف :5]
ولقد حضرت كثيرًا من هذه الحماقات فتأذى نظري واكتوى قلبي من تلك المهازل الشركية والتصرفات الجاهلية.