لمن هذه الغـرف ؟
إن من سمات المترقي في منازل الآخرة أنه ، لا يسمع عن صفة جميلة أو عمل صالح ..يقربه من ربه ومولاه ويرفع درجاته ، إلا وسارع إلى العمل به والمحافظة عليه .قال تعالى {لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها الأنهار وعد الله لا يخلف الله الميعاد}.
· قال الشيخ السعدي رحمه الله : منازل عالية مزخرفة ، من حسنها ، و بهائها ، و صفائها ، أنه يرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهرها ، ومن علوها وارتفاعها أنها ترى كما يرى الكوكب الغابر في الأفق الشرقي أو الغربي ..
- ولهذا قال { من فوقها غرف} أي بعضها فوق بعض ( مبنية ) بذهب وفضة .. وملاطها المسك الإذفر .. { تجري من تحتها الأنهار } المتدفقة ، التي تسقي البساتين الزاهرة ، والأشجار الطاهرة .
- قال صلى الله عليه وسلم : [ إن في الجنة غرفاً ترى ظهورها من بطونها ، وبطونها من ظهورها ، فقام أعرابي فقال : لمن هي يا رسول الله ؟ قال : " لمن أطاب الكلام ، وأطعم الطعام ، وأدام الصيام ، وصلى لله بالليل والناس نيام " ] رواه الترمذي .
· إذاً هي صفات أربعة .. من عمل بها و حافظ عليها حاز على هذه المنازل العالية .
- الصفة الأولى : " أطاب الكلام " .. أي كلامه طيب ، لا يتكلم الكلام البذيء وليس لعاناً ولا سباباً ولا مغتابا ولا نماما .. و يدخل في طيب الكلام : ( قراءة القرآن ، و إفشاء السلام ، و ذكر الله ،والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام ، و النصيحة للمسلمين ) . وفي الحديث : [ الكلمة الطيبة صدقة ] .
- الصفة الثانية : " إطعام الطعام " .. يشمل إطعام ( القريب والبعيد ، والصغير والكبير ، والكثير والقليل ، و الغني الفقير ، والإنسان والحيوان ، وإكرام الضيف ) .. فلو أطعمت في كل يوم تمرة فأنت داخل في هذا الوصف الكريم .
- الصفة الثالثة : " و أدام الصيام " .. أي حرص على صيام النوافل .. ( الاثنين والخميس ، أو ثلاث أيام من كل شهر أو صيام يوم وإفطار يوم ،وصيام يوم عاشوراء ، ويوم عرفة ، وصيام غالب شهر محرم ، و شعبان وست من شوال ).
- الصفة الرابعة : " وصلى بالليل والناس نيام" أي حرص على قيام الليل .. حتى ولوشيئا يسيراً .. ركعتين أو أربع ركعات .. ويبدأ قيام الليل من بعد صلاة العشاء إلى الفجر .
· وهذه بشرى سارة : قَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : (( إِذَا أَيْقَظَ الرَّجُلُ أهْلَهُ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّيَا - أَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ جَمِيعاً ، كُتِبَا في الذَّاكِرِينَ وَالذَّاكِرَاتِ )) رواه أَبُو داود
· من علامات الإيمان : قال ابن قدامة المقدسي رحمه الله .. وليجتهد أن يكون آخر كلامه عند النوم ذكر الله تعالى .. وأول ما يجري على لسانه عند التيقظ ذكر الله تعالى ، فهاتان علامتان على الإيمان .