من يمنعك مني ؟؟
فقوة يقين النبي -صلى الله عليه وسلم- بكفاية الله -تبارك وتعالى- له ،ظهرت على غيره ،فهذا موقف يهتز فيه الإنسان، ويصيبه الذعر والخوف، فليس عنده أحد يحميه ،وهذا ا
من يمنعك مني؟
بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّ جَمْعًا مِنْ غَطَفَانَ مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ مُحَارِبٍ بِذِي أَمَرَّ , قَدْ تَجَمَّعُوا يُرِيدُونَ أَنْ يُصِيبُوا مِنْ أَطْرَافِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مَعَهُمْ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ : دُعْثُورُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ مُحَارِبٍ ، فَنَدَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ ، فَخَرَجَ فِي أَرْبَعِ مِائَةِ رَجُلٍ وَخَمْسِينَ رَجُلا وَمَعَهُمْ أَفْرَاسٌ , فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي مَسِيرِهِ ، إِلَى أَنْ قَالَ : وَهَرَبَتْ مِنْهُ الأَعْرَابُ فَوْقَ ذُرًى مِنَ الْجِبَالِ ،
وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَا أَمَرَّ وَعَسْكَرَ بِهِ ، فَأَصَابَهُمْ مَطَرٌ كَثِيرٌ ، فَذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَتِهِ فَأَصَابَهُ ذَلِكَ الْمَطَرُ فَبَلَّ ثَوْبَهُ ، وَقَدْ جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَادِيَ ذِي أَمَرَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْحَابِهِ ، ثُمَّ نَزَعَ ثِيَابَهُ فَنَشَرَهَا لِتَجِفَّ وَأَلْقَاهَا عَلَى شَجَرَةٍ ثُمَّ اضْطَجَعَ تَحْتَهَا ، وَالأَعْرَابُ يَنْظُرُونَ إِلَى كُلِّ مَا يَفْعَلُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَتِ الأَعْرَابُ لِدُعْثُورٍ ، وَكَانَ سَيِّدَهَا وَأَشْجَعَهَا : قَدْ أَمْكَنَكَ مُحَمَّدٌ ، وَقَدِ انْفَرَدَ مِنْ أَصْحَابِهِ حَيْثُ إِنْ غَوَّثَ بِأَصْحَابِهِ لَمْ يُغَثْ حَتَّى تَقْتُلَهُ ، فَاخْتَارَ سَيْفًا مِنْ سُيوفِهِمْ صَارِمًا ثُمَّ أَقْبَلَ مُشْتَمِلا عَلَى السَّيْفِ ، حَتَّى قَامَ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسَّيْفِ مَشْهُورًا , فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي الْيَوْمَ ؟ قَالَ : " اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ " ، فَوَقَعَ السَّيْفُ مِنْ يَدِهِ , فَأَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَامَ عَلَى رَأْسِهِ , فَقَالَ : " مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي ؟ " قَالَ : لا أَحَدَ ، وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، وَلا أُكَثِّرُ عَلَيْكَ جَمْعًا أَبَدًا ، فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيْفَهُ ، ثُمَّ أَدْبَرَ ثُمَّ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ , ثُمَّ قَالَ : وَاللَّهِ لأَنْتَ خَيْرٌ مِنِّي ،
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَنَا أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْكَ " ، فَأَتَى قَوْمَهُ فَقَالُوا : أَيْنَ مَا كُنْتَ تَقُولُ وَقَدْ أَمْكَنَكَ وَالسَّيْفُ فِي يَدِكَ ؟ قَالَ : قَدْ كَانَ وَاللَّهِ ذَلِكَ رَأْيِي ، وَلَكِنْ نَظَرْتُ إِلَى رَجُلٍ أَبْيَضَ طَوِيلٍ فَدَفَعَ فِي صَدْرِي ، فَوَقَعْتُ لِظَهْرِي فَعَرَفْتُ أَنَّهُ مَلَكٌ ، وَشَهِدْتُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، وَاللَّهِ لا أُكَثِّرُ عَلَيْهِ ، وَجَعَلَ يَدْعُو قَوْمَهُ إِلَى الإِسْلامِ .
إنها لصورة عملية لثبات أصحاب التوحيد ،فبتعظيم كلمة التوحيد في قلوبهم خرجت كلمة الله لترهب الأعداء ،ومن كمال التوحيد في قلب النبي وقوته سقط السيف من يد الكافر ،وارتعدت فرائصه من الكلمة وطريقة نطقها فهي خرجت من أعظم قلب عاش على التوحيد فكان حريا ان توقع سيفه بل وأعضائه وعظاه ،ولكن رحمة الله به أرعدت أعصابه فقط فسقط السيف على الفور.
فقوة يقين النبي -صلى الله عليه وسلم- بكفاية الله -تبارك وتعالى- له ،ظهرت على غيره ،فهذا موقف يهتز فيه الإنسان، ويصيبه الذعر والخوف، فليس عنده أحد يحميه ،وهذا الإنسان بيده السيف ،والنبي -صلى الله عليه وسلم- أعزل ليس معه شيء، ومع ذلك يقول له بكل ثقة: الله، فهذا فيه كمال اليقين مع كمال التوكل والتفويض إلى الله -تبارك وتعالى-، فلهذا مهما قلنا في حياتنا الله لن تؤثر على أعدائنا إلا إذا تعلمناها وقلناها كما قالها الرسول –صلى الله عليه وسلم.
فأين من يريد أن يرعب من يعاديه وينصره الله على من يبتغي الأذى فيه ...... فاسمعوا وعوا.