هل يجوز التكلم في ذاته تعالى بالعقل ؟
س : هل يجوز التكلم في ذاته تعالى بالعقل ؟
ج : لا يجوز التكلم في ذاته تعالى بالعقل ؛ لأن العقل قاصرٌ على إدراك ذات الخالق سبحانه وتعالى ، فكل ما خطر ببالك فالله بخلاف ذلك
س : إذا كان العقل لا يدرك ذاته تعالى فكيف الوصول إلى معرفته تعالى مع أن المعرفة واجبة على كل أحد .
ج : إنّ معرفته تعالى تحصل بمعرفة صفاتِه منَ الوجود ، والقدم ، والبقاء ، ومخالفته للحوادث ، والقيام بنفسه ، والوحدانية ، والحياة ، والعلم ، والقدرة ، والإرادة ، والسمع ، والبصر ، والكلام .
س : بأي شيء عرفنا الله تعالى مع أننا ما رأيناه بأبصارنا .
ج : عرفنا وجود الله تعالى وباقي صفاته بظهور آثار قدرته في هذه المخلوقات الحادثة المتقنة البديعة المحيرة للعقول : كالسموات وما اشتملت عليه من الشمس والقمر والنجوم والأرض وما اشتملت عليه من المعادن والأشجار وغير ذلك من أنواع الحيوانات التي منها الإنسان المخلوق في أحسن تقويم الموصوف بأنواع الكمال والفضل ، الممتاز بالعقل القويم . فكما أن من شاهد بناء عرف أن له بانيًا . ومَن شاهد كتابًا عرفَ أن له كاتبًا . وإن لم يرَه ولم يسمعْ خبرَه ، فكذلكَ من رأى هذا العالَم المتقنَ البديعَ الباهرَ عرفَ أن له موجدًا قديمًا عليمًا مريدًا قديرًا حكيمًا .
س : هل لهذه المسألة نظير في المخلوقات ، أي هل يوجد في المخلوقات شيء نتحقق وجوده مع أننا لا نراه ؟
ج : نعم وذلك كالرُّوح : فإنا نحكُم بوجودها ، وإن لم نَحْظَ بشُهودِها . حيث نرى مالَها من الآثار ، مع أننا لانَرَاها بالأبصار ولا ندرك حقيقتها بالأفكار . وكذلك الله سبحانه وتعالى فإنه وإن لم نره بأبصارنا ، ولم ندركْ حقيقةَ ذاته بأفكارنا ، نجزمُ بوجود ذاته الموصوفةِ بصفات الكمالِ ، نظرًا لما نرى من آثار صُنعِه البديعِ سبحانه وتعالى الشاهد بلسانِ الحال والمقالِ .
س : هل يجوز الخوض في حقيقة الروح والبحث عن ماهيتها ؟
ج : لا يجوز ذلك ؛ لأنَّ العقل قاصرٌ عن إدراك حقيقتها فالحث عنه إضاعةُ وقتٍ ، وهذا أكبر دليل على قصَر عقِل الإنسانِ فإنه لم يدركْ حقيقة روحه مع كوْنها مخلوقة وغير خَارجة عنه ، ليقطع الأملَ عن إدراكِ حقيقةِ خالقِهِ الذي ليس له شبيهٌ .
س : هل تمكن رؤية الله سبحانه وتعالى بالبصر .
ج : رؤيةُ الله تعالى بالبصر ممكنة عقلاً ، وواقعةٌ في الجنة للمؤمنين نقلًا ؛ فإن الله تعالى موجود وكلُّ موجود يُمكن رؤيته قال الله تعالى : {وَجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة :22، 23] ، فيرونه بالأبصار بغير كيف يومَ القيامة ، ويُحجبُ عنه الكافرون زيادة لهم في الحسرة والندامة .
س : هل إصابة العين حق ؟
ج : نعم ؛ وذلك لأنَّ بعضَ النفوسِ من شأنها وخواصها أنها إذا نظرت إلى شيء نظر استحسانٍ وتعجُّب يصابُ المنظور إليه ويلحقه الضررُ . لكن هذه النفوس قليلةٌ جدًا فلا ينبغي للإنسان أن يشغل أفكاره بذلك وينسبَ أكثر ما يصاب به إلى إصابة العين أو إلى السحر ، كما يفعله كثير من النساء ؛ لأنَّ ذلك طيشٌ وخفةٌ
س : كيف تؤثر العين مع كونها ألطف أجزاء الإنسان وعدم اتصالها بالمنظور إليه وعدم خروج شيء منها يتصل به ؟
ج : لا مانَع أن يكون للشيء اللطيف تأثيرٌ قوي ، ولا يشترط في التأثير الاتصالٌ . فإنا نرى بعض الناس من أصحاب الهيئة والاقتدار إذا نظَر إلى أحد نَظَر مُغْضَب ربما يعْترى المنظورَ إليه الدهْشَةُ والارتباكُ ، وقد يُفْضى به الأمرُ إلى الهلاك مع أنه لا يتسلط عليه في ظاهر الحسَ ؛ ولا حصلَ بين المؤثر والمتأثَّر اتصال ومس ، والمغناطيس يجذبُ الحديدَ مع عدم اتصاله به ، وعدم خروج شيء منه يُوجبُ صدورَ التأثر عنْه بل الأمور اللطيفةُ ، أعظم آثارًا من الأمور الكثيفَة ، فإن الأمورَ الجسيمةَ إنما تصْدُر من الإرادة والنَّية ، وهما من الأمور المعنويَّة . فلا يستغرَب حينئذ أن تؤثر العين في المنظور إليه مع لطافتها ، وعدم اتصالها به ، وعدم خروج شيء منها .
س : من أفضل الأمم جميعًا بعد الأنبياء عليهم السلام ؟
ج : أفضلُ الأمم جميعا بعد الأنبياء هي الأمَة المحمديةُ ؛ وأفضلها الصحابة الكرامُ . وهم الذين اجتمَعوا بنبينا عليه الصلاةُ والسلامُ وآمنوا به واتبعوا النورَ الذي أْنزلَ معه ، وأفضلهُم الخلفاء الأربعة .