و أمرٌ عاشر مما يعين علي تحقيق الإخلاص و هو : التربية :
أن نربي أنفسنا و أن نربي أولادنا على إخفاء العمل ، إذا جاء الأولاد و فرحوا بأنّهم عملوا عملاً فتحدث عليه الأستاذ أمام الطلاب ، أو المدير أوقف هذا الطالب و شكره أمامهم ، فنحن نقول : نعلم هذا الولد ألا يلتفت إلى هذا لأنّه يُريد ما عند الله عز وجل ، إذا كان هذا الولد يذكر أنّ الناس يثنون عليه و أنّ زملائه يُعجبون به في المدرسة ، نعلمه ألا يلتفت لذلك و لا يغتر بهم ، و نعلم أنفسنا ذلك قبل أن نعلم هذا الولد ، أن نروض أنفسنا على هذه الأشياء .
و للأسف هذا العالم المادي الذي نعيش فيه اليوم لا يشجع على تحقيق هذا المطلوب و هو الإخلاص ، أصبحت قضية الحوافز المادية و المعنوية هدفٌ لكثير من الناس ، نعم الحوافز تقوي النفس و تجدد النشاط عند كثير من الناس ، لكن كون هذه الحوافز تتحول إلى أهداف هذا أمرٌ سيء ، حينما يكون هم الإنسان في جده و اجتهاده في عمله أن يحصل ترقية أو ورقة شكر ، حينما يكون هم المعلمة في جهدِ كبير تبذله لربما واصلت فيه الليل بالنهار في أن تحصل من الموجهة على خطابِ شكرٍ من موجهة لا تملك لنفسها ضراً و لا نفعاً ، و حينما يكون هم الإنسان هو أن يُذكر و أن يُعرف فهذه مصيبة ليس بعدها مصيبة ؛ و لذلك نحن نُفسد أحياناً أنفسنا و نُفسد من نربيهم أو نتولى تربيتهم ، نقول له : إذا فعلت هذا الفعل أعطيناك كذا و كذا ، إذا قمت بالأعمال الفلانية ، إذا شاركت في النشاط الفلاني أعطيناك كذا و كذا و كذا .
الحوافز طيبة و مهمة ، لكن أحياناً يُوعد هذا الإنسان برئاسة ، يُقال له مثلاً : إذا قبلت أن تكون في هذا العمل فنحن نوليك على زملائك ، و تكون أنت مشرفاً على أقرانك ، أي صلاح يُبذل لقلب هذا الولد المسكين الذي سمع هذا الكلام ؟!
الحادي عشر مما يعين على تحقيق الإخلاص : النظر في عاقبة الرياء في الدنيا :
و مضي قول عمر رضي الله تعالى عنه : أنّ من تزين للناس شانه الله ، فهو لا يزيد عند الناس إلا انحطاطاً و سفولاً ، و قد سبق الكلام على شيء من هذا المعنى في بعض المناسبات السابقة .