ينبغي للعاقل أن يصرف همته في التفكير فيما يعنيه


الشيخ / خالد بن عثمان السبت

ثانياً: التفكير له منزلان أو محلان لا ثالث لهما،



التفكير إما أن يكون في الدنيا ( في أمور الدنيا ) و إما أن يكون في أمور الآخرة ( الأمور التي تقربه إلى الله عز و جل ) و أبناء الدنيا جعلوا جهدهم و ذكائهم و تفكيرهم منصباً على الدنيا من المناحي الأربعة التي ذكرتها.. الهدف عندهم ..الغاية التي يريدون تحصيلها هي دنيوية، و الوسيلة التي يريدون التوصل بها بطبيعة الحال هي من الدنيا و الأمر المرهوب عندهم هو أمر دنيوي و الوسيلة أيضاً. هي قضية دنيوية .. يعني أهل الدنيا مثلاً ماذا يريد هذا الإنسان؟ يفكر أن يكون غنياً..هذه هي غاية عندهم، و الوسيلة ما هي المشاريع التي يمكن أن .. يفكر دائماً ما هي المشاريع الناجحة التي يمكن أن يتوصل بها إلى هذا المطلوب، و كذلك الغاية المرهوبة عنده كالفقر مثلاً.. فهو لا يريد أن يكون فقيراً معدماً.. فهو دائماً يفكر في الأمور التي يمكن أن تجلب له الفقر  فيحاول أن يتلافاها وقد يخطئ كثيراً فيظن أن الصدقة من الأمور التي ترثه فقراً أو كثرت الأولاد فيقلل الأولاد وهكذا في ألوان التجارات والمعاملات فهو يتخوف غاية التخوف على هذا المال فلا يدخل في مشروع أو معاملة أو تجارة أو غير ذلك إلا بعد أن يقتله درساً وبحثاً وتفتيشاً و تنقيرا لئلا يقع في أمر مكروه فهؤلاء هي غايتهم وإذا جاء يوم القيامة تبينت وحقت الحقائق تبين لهم ما هم عليه وتبينت حقيقة الربح و الخسارة

( وخسر هنالك المبطلون )

وأما أهل الآخرة فإن غايتهم هي رضا الله هي الجنة فهم يفكرون ما هي الأمور التي توصل إلى الجنة والغاية المرهوبة هي النار وسخط جبار جل جلاله ويفكرون في الأمور التي توصل إلى النار والأمور التي تنجي منها هذا همهم وتفكيرهم




ثالثاً: ينبغي للعاقل أن يصرف همته في التفكير فيما يعنيه 




و إذا فعل ذلك يكون قد في أبواب التفكير المحمود الذي ينفعه وتحصل منه العواقب الطيبة الحميدة سواء كان دنيوية أو أخروية وأما إذا أشغل همه وعقله بالتفكير في أمور تضره فإن ذلك يؤذن بخراب بدنياه وبخراب آخرته ولهذا يقول ابن القيم رحمه الله (أنفع الدواء أن تشغل نفسك بالفكر فيما يعنيك دون ما لا يعنيك فالفكر فيما لا يعني باب كل شر ومن فكر في ما يعنيه فاته ما يعنيه و اشتغل عن أنفع الأشياء له بما لا منفعة له فيه فالفكر والخواطر والإرادة والهمة أحق شيء بإصلاحه من نفسك فإن هذي خاصتك وحقيقتك التي لا تبتعد أو تقترب من إلهك و معبودك الذي لا سعادة إلا في قربه ورضاه إلا بها وكل الشقا في بعدك عنه وسخطه إليك فأقول إذا كان العبد مشتغلا بما يعنيه فإنه يسلم بإذن الله عز وجل إلى المتاهات و العقائد الفاسدة والخواطر الرديئة والاسترسال مع وساوس الشيطان التي نقول إنها لا تضره  إذا كان مجرد خواطر أما إذا استرسل معها و استمر يفكر فيها فإنها قد تعلق في قلبه فتكون بعد ذلك عقائد و هكذا نقول أول الأمر هو خاطرة تحصل في ذهن العبد ثم بعد ذلك تتحول هذه الخاطرة إلى فكرة ثم تتحول هذه الفكرة إلى عزيمة ثم تتحول هذه العزيمة إلى عمل واقعي في الخارج فمن كان شغله في التفكير فيما هو بصدده و فيما يعنيه فإنه يسلم له دينه و تسلم له دنياه و أما إذا دخل في متاهات كما سيأتي في التفكير في أمور لا تعنيه و لم يطالب بالتفكير بها فإن ذلك يؤذن بهلاكه


السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ ينبغي للعاقل أن يصرف همته في التفكير فيما يعنيه

معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day