أولًا: أقوال بعض الصحابة والتابعين في اسم الله (القادر):
1- قال ابن عباس -رضي الله عنهما- {فقدرنا}: خلقه، ويقال ملكنا على خلقه ويقال فصورنا خلقه في رحم المرأة. [تنوير المقباس من تفسير ابن عباس، ينسب: لعبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - (المتوفى: 68هـ) 1/497].
ثانيًا: أقوال بعض المفسرين في تفسير اسم الله (القادر):
1- قال الطبري: { القادر }: فيعلمون أن الله الذي خلق السماوات والأرض، فابتدعها من غير شيء، وأقامها بقُدرته، قادر بتلك القُدرة على أن يخلق مثلهم أشكالهم، وأمثالهم من الخلق بعد فنائهم، وقبل ذلك، وأن من قدر على ذلك فلا يمتنع عليه إعادتهم خلقا جديدا، بعد أن يصيروا عظاما ورُفاتا. [تفسير الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري (المتوفى: 310هـ) 17/562].
2- قال السمرقندي: { القادر }: أن الله الذي خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم، يعني: يحييهم بعد الموت. وجعل لهم أجلا لا ريب فيه، يقول: لا شك فيه عند المؤمنين أنه كائن. فأبى الظالمون إلا كفورا، أي أبى المشركون عن الإيمان، ولم يقبلوا إلا الكفر.. (بحر العلوم، أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي (المتوفى: 373هـ)، 2/330).
3- قال مكي بن أبي طالب: { القادر }: أولم ينظر هؤلاء المنكرون البعث أن الله [ عز وجل] الذي ابتدع خلق السموات والأرض من غير شيء وأقامها بقدرته، قادر بتلك القدرة على أن يخلق أشكالهم وأمثالهم من الخلق. وإن إعادتهم لا تتعذر على من يقدر هذه القدرة..[الهداية إلى بلوغ النهاية في علم معاني القرآن وتفسيره، وأحكامه، وجمل من فنون علومه، أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي (المتوفى: 437هـ)، 6/4298].
4- قال البغوي: { القادر }: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ} في عظمتها وشدتها{قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ} في صغرهم وضعفهم نظيره قوله تعالى: "لخلق السموات وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ" (غَافِرٍ-57). [معالم التنزيل في تفسير القرآن - تفسير البغوي، محيي السنة ، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي (المتوفى : 510هـ)، 5/132].
5- قال فخر الدين الرازي: { القادر }: وفي قوله: قادر على أن يخلق مثلهم قولان: الأول: المعنى قادر على أن يخلقهم ثانيا فعبر عن خلقهم ثانيا بلفظ المثل كما يقول المتكلمون أن الإعادة مثل الابتداء. القول الثاني: المراد قادر على أن يخلق عبيدا آخرين يوحدونه ويقرون بكمال حكمته وقدرته ويتركون ذكر هذه الشبهات الفاسدة وعلى هذا التفسير فهو كقوله تعالى: ويأت بخلق جديد [إبراهيم: 19] وقوله: ويستبدل قوما غيركم [التوبة: 39] قال الواحدي والقول هو الأول لأنه أشبه بما قبله ولما بين الله تعالى بالدليل المذكور أن البعث والقيامة أمر ممكن الوجود في نفسه أردفه بأن لوقوعه ودخوله في الوجود وقتا معلوما عند الله وهو قوله: وجعل لهم أجلا لا ريب فيه ثم قال تعالى: فأبى الظالمون إلا كفورا أي بعد هذه الدلائل الظاهرة أبوا إلا الكفر والنفور والجحود.. [مفاتيح الغيب - التفسير الكبير، أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي الملقب بفخر الدين الرازي خطيب الري (المتوفى: 606هـ)، 21/412].
6- قال القرطبي: { القادر }: في الكلام تقديم وتأخير، أي أو لم يروا أن الله الذي خلق السموات والأرض، وجعل لهم أجلا لا ريب فيه قادر على أن يخلق مثلهم. والأجل: مدة قيامهم في الدنيا ثم موتهم، وذلك ما لا شك فيه إذ هو مشاهد. [الجامع لأحكام القرآن - تفسير القرطبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي (المتوفى: 671هـ)، 10/334].
7- قال البيضاوي: { القادر }: أولم يروا أو لم يعلموا. أن الله الذي خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم فإنهم ليسوا أشد خلقا منهن ولا الإعادة أصعب عليه من الإبداء. وجعل لهم أجلا لا ريب فيه هو الموت أو القيامة. فأبى الظالمون مع وضوح الحق. إلا كفورا إلا جحودا.. [أنوار التنزيل وأسرار التأويل، ناصر الدين أبو سعيد عبد الله بن عمر بن محمد الشيرازي البيضاوي (المتوفى: 685هـ)، 3/268].
8- قال ابن كثير: {القادر}: (وقالوا أئذا كنا عظاما ورفاتا) بالية نخرة (أئنا لمبعوثون خلقا جديدا) أي: بعد ما صرنا إلى ما صرنا إليه من البلى والهلاك، والتفرق والذهاب في الأرض نعاد مرة ثانية؟ فاحتج (4) تعالى عليهم، ونبههم على قدرته على ذلك، بأنه خلق السماوات والأرض، فقدرته على إعادتهم أسهل من ذلك [تفسير القرآن العظيم، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ)، 5/123].
9- قال أبو السعود: { القادر }: (أو لم يروا) أي ألم يتفكروا ولم يعلموا {أن الله خلق السماوات والأرض} من غير مادة مع عظمهما {قادر على أن يخلق مثلهم} في الصغر على أن المثل مقحم والمراد بالخلق الإعادة كما عبر عنها بذلك حيث قيل خلقا جديدا. [تفسير أبي السعود - إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم، أبو السعود العمادي محمد بن محمد بن مصطفى (المتوفى: 982هـ)، 5/197]
10- قال الآلوسي: { القادر }: أي ألم يتفكروا ولم يعلموا أن الله تعالى الذي قدر على خلق هذه الأجرام والأجسام الشديدة العظيمة التي بعض ما تحويه البشر قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ من الأنس أي ومن هو قادر على ذلك كيف لا يقدر على إعادتهم وهي أهون عليه جل وعلا، وقال بعض المحققين: مثل هنا مثلها في- مثلك لا يبخل- أي قادر على أن يخلقهم، والمراد بالخلق الإعادة كما عبر عنها أو لا بذلك حيث قيل خَلْقاً جَدِيداً ولا يخلو عن بعد، وزعم بعضهم أن المراد قادر على أن يخلق عبيدا آخرين يوحدونه تعالى، ويقرون بكمال حكمته وقدرته ويتركون ذكر هذه الشبهات الفاسدة كقوله تعالى: وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ [فاطر: 16] وقوله سبحانه: وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ [التوبة: 39] وفيه أنه لا يلائم السياق كما لا يخفى على ذوي الأذواق. [تفسير الآلوسي، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني،شهاب الدين محمود بن عبد الله الحسيني الألوسي (المتوفى: 1270هـ)، 8/168].
ثالثًا: أقوال بعض أهل العقيدة في اسم الله (القادر):
1- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: قوله: {وَلاَ يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا} أي لا يكرثه ولا يثقله، وذلك مستلزم لكمال قدرته وتمامها. بخلاف المخلوق القادر إذا كان يقدر على الشيء بنوع كلفة ومشقة، فإن هذا نقص في قدرته، وعيب في قوته. [التدمرية لابن تيمية 1/58].