قال الطبري: {القدوس}: والتقديس هو التطهير والتعظيم، فمعنى قول الملائكة: ﴿ونقدس لك﴾ [البقرة: ٣٠]: ننسبك إلى ما هو من صفاتك، من الطهارة من الأدناس وما أضاف إليك أهل الكفر بك. [تفسير الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري (المتوفى: 310هـ)3/433].
قال السمرقندي: {القدوس}: الطاهر عما وصفه به الكفار (بحر العلوم، أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي (المتوفى: 373هـ)، 2/330).
قال مكي بن أبي طالب: {القدوس}: المطهر مما نسبه إليه المشركون، (والقدس: الطهر) .. [الهداية إلى بلوغ النهاية في علم معاني القرآن وتفسيره، وأحكامه، وجمل من فنون علومه، أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي (المتوفى: 437هـ)، 11/7409].
قال البغوي: {القدوس} الطاهر من كل عيب، المنزه عما لا يليق به.. [معالم التنزيل في تفسير القرآن - تفسير البغوي، محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي (المتوفى: 510هـ)، 8/78].
قال القرطبي: وأصل التقديس: التطهير والبعد عما لا ينبغي. واللام في {{لك}} زائدة لتقوية المعنى. وقيل: اللام هنا للاختصاص؛ فتفيد الإخلاص؛ وهي أيضاً للاستحقاق؛ لأن الله -جلّ وعلا- أهل لأن يقدس. وبناء «قدس» كيفما تصرف فإن معناه التطهير، ومنه قوله تعالى: ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ}} [المائدة:21] أي المطهرة. وقال: الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ}} [الحشر:23] يعني الطاهر، ومثله: بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً} [طه:12] وبيت المقدس سمي به لأنه المكان الذي يتقدس فيه من الذنوب أي يتطهر، ومنه قيل للسطل: قَدَس، لأنه يتوضأ فيه ويتطهر، ومنه القادوس. وفي الحديث: (لا قدست أمة [يريد لا طهرها الله] لا يأخذ الضعيف فيها حقه غير متعتع) [أي دون أن يصيبه أذى أو ضرر]) أخرجه ابن ماجة في سننه [صحيح الجامع].. فالقدس: الطهر من غير خلاف.. [الجامع لأحكام القرآن - تفسير القرطبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي (المتوفى: 671هـ)، 1/277].
- قال ابن كثير: {الْقُدُّوس} قال وهب بن منبه رحمه الله تعالى: أي (الطاهر)، وقال مجاهد، وقتادة رحمهم الله تعالى: أي (المبارك): وقال ابن جريج رحمه الله تعالى: (تقدسه الملائكة الكرام عليهم الصلاة والسلام) انتهى بتصرف من (تفسير ابن كثير). [تفسير القرآن العظيم، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ)، 5/123].
قال الألوسي: البليغ في النزاهة عما يوجب نقصانًا أو الذي له الكمال في كل وصف اختص به، أو الذي لا يحد ولا يتصور [تفسير الألوسي، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني /شهاب الدين محمود بن عبد الله الحسيني الألوسي (المتوفى: 1270هـ)، [14/256].
قال الإمام السعدي " {الْقُدُّوسُ السَّلَامُ} أي: المُقدَّس السالم من كل عيب وآفة ونقص، المُعَظَّم المُمَجَّد، لأن الْقُدُّوس يدل على التنزيه عن كل نقص، والتعظيم لله سبحانه في أوصافه وجلاله." فهو سبحانه أي: المعظم المنزه عن صفات النقص كلها، وعن أن يماثله أحد من الخلق، فهو المتنزه عن جميع العيوب، والمتنزه عن أن يقاربه، أو يماثله أحد في شيء من الكمال: ﴿ليس كمثله شيء﴾ [الشورى١١]، ﴿ولم يكن له كفوا أحد﴾ [الإخلاص٤]، ﴿هل تعلم له سميا﴾ [مريم ٦٥]، ﴿فلا تجعلوا لله أندادا﴾ [البقرة٢٢] فـ (القدوس) كـ (السلام) ينفيان كل نقص من جميع الوجوه، ويتضمنان الكمال المطلق من جميع الوجوه؛ لأن النقص إذا انتفى ثبت الكمال كله. [تفسير السعدي/ تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/للشيخ: عبد الرحمن بن ناصر السعدي /ص: ٩٤٦]
قال ابنُ قُتَيبةَ: -مِن صِفاتِه: قُدُّوس، وهو حرفٌ مبنيٌّ على فُعُّول، من القُدسِ، وهو الطَّهارةُ [يُنظر ((تفسير غريب القرآن)) (ص: 8)
قال الزَّجَّاجُ: القُدُّوسُ: يُقالُ قُدُّوس وقَدُّوس، والضَّمُّ أكثَرُ، وفي التَّفسيرِ إنَّه المبارَكُ، في قَولِه تعالى: ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وقد قِيل أيضًا: إنَّه هنا المُطَهَّرةُ، والتقديسُ: التطهيرُ، وقيل للسَّطْلِ قُدسٌ: لأنَّه يُتطَهَّرُ فيه. [يُنظر: ((تفسير أسماء الله الحسنى)) (ص: 30).
قال الزَّجَّاجيُّ: القُدُّوسُ: فُعُّولٌ مِنَ القُدسِ، وهو الطَّهارةُ، ومنه قيل: الأرضُ المقَدَّسةُ يرادُ المطَهَّرةُ بالتبَرُّكِ، ومنه قَولُه عَزَّ وجَلَّ حكايةً عن الملائِكةِ: وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾ أي: نَنسُبُك إلى الطَّهارةِ. ونُقَدِّسُك ونُقَدِّسُ لك، ونُسَبِّحُك ونُسَبِّحُ لك: بمعنًى واحِدٍ [يُنظر ((اشتقاق أسماء الله)) (ص: 214)].
قال الخطَّابيُّ: القُدُّوسُ: هو الطَّاهِرُ من العُيوبِ، المُنَزَّهُ عن الأندادِ والأولادِ، والقُدسُ: الطَّهارةُ. ومنه سُمِّيَ بيتُ المَقْدِسِ، ومعناه: بيتُ المكانِ الذي يُتطَهَّرُ فيه مِنَ الذُّنوبِ. وقيل للْجَنَّةِ: حَظيرةُ القُدسِ؛ لطَهارتِها من آفاتِ الدُّنيا. والقُدسُ: السَّطلُ الكبيرُ؛ لأنَّه يُتطَهَّرُ فيه. ولم يأتِ مِن الأسماءِ على فُعُّولٍ بضَمِّ الفاءِ إلَّا قُدُّوسٌ وسُبُّوحٌ، وقد يقالُ أيضًا: قَدُّوسٌ، مفتوحةَ القافِ. وهو القياسُ في الأسماءِ، كقَولِهم: سَفُّودٌ وكَلُّوبٌ، ونحوُهما. ويقالُ في تفسيرِ القُدُّوسِ: إنَّه المبارَكُ. [يُنظر: ((شأن الدعاء)) ص: 40].
وقال الحليميُّ: معناه الممدوحُ بالفضائِلِ والمحاسِنِ، والتقديسُ مُضَمَّنٌ في صريحِ التَّسبيحِ، والتَّسبيحُ مُضَمَّنٌ في صريحِ التَّقديسِ؛ لأنَّ نَفْيَ المذامِّ إثباتٌ للمدائِحِ، كقَولِنا: لا شريكَ له ولا شبيهَ له، إثباتٌ أنَّه واحِدٌ أحَدٌ، وكقَولِنا: لا يُعجِزُه شَيءٌ، إثباتٌ أنَّه قادِرٌ قَوِيٌّ، وكقَولِنا: إنَّه لا يَظلِمُ أحدًا، إثباتٌ أنَّه عَدلٌ في حُكمِه [يُنظر ((شأن الدعاء)) ص40]..
قال ابن القيم: ((القدوس)) المنزه من كل شر ونقص وعيب، كما قال أهل التفسير: هو ((الطاهر)) من كل عيب المنزه عما لا يليق به، وهذا قول أهل اللغة [شفاء العليل ٢/ ٥١٠]