تصميم الأنف
الأنف
عندما يدور الحديث حول العضو المسؤول عن الشم، فإن أول ما يخطر على بالنا هو الأنف، ولكن القليل منا يعرف أنّ الأنف لايؤدي سوى 5% من وظيفة الشم ، وفي هذا المجال يقول البروفيسور gordon shepherd كوردون شيفرد من جامعة ييل: "إنّ ما نشمّه بأنوفنا يشبه تماما ما نسمعه بواسطة شحمه آذاننا" ، وهذا يوضعكون الأنف له دور بسيط للغاية في عملية الشم.
وسوف نرى في صفحات هذا الكتاب كيفية تشكل الجزء الشمّي من الأنف. ولكن قبل ذلك ينبغي التطرق إلى الـ95% الباقية من الوظيفة الشمّية، فالأنف يتولى أداء وظيفتين مهمتين باعتباره جزءا من الجهاز التنفسي، الأولى تدفئة الهواء الذي يتم تنفسه، فالطبقة المخاطية المبطنة تقوم بترطيب هواء الشهيق عن طريق الماء المتبخر من المخاط، أما تدفئته فتتم بواسطة الأوعية الشعرية الموجودة تحت الطبقة المخاطية مباشرة، وبهذا الشكل يصبح هواء الشهيق ملائما للمرور داخل الرئتين ذات التركيبة الخاصة والتوازنات الحساسة جدا. والذي يحدث للهواء داخل الأنف يشبه شبكة تكييف متقدمة داخل بناية ظخمة.
يتم دفع الأجسام الغريبة التي توجد في السائل المخاطي نحو البلعوم من قبل السويطات وبسرعة سنتمتر واحد في الدقيقة، ومن ثم يتم لفظها خارجا بواسطتها السعال أو ابتلاعها إلى المعدة كي يتم إتلافها بواسطة الحامض المعدي، وهذه الخطوات قد تبدوا بسيطة، ولكنها في الحقيقة تتكون من مراحل كثيرة للغاية، فهذه الحركة التي تكون في اتجاه واحد والتي تقوم بها السويطات وكأنها كتلة واحدة، لم يُكشف السرّ بعد عن كيفية حدوثها، ثم إنّ الطبقة المخاطية والخلايا الفارزة للمخاط مع السويطات تشكل مجموعة متكاملة للتنقية الكيمياوية، وهذه المجموعة تستطيع أن تميز بين المفيد كي تسمح له بالمرور وبين الضار الذي ينبغي طرده.
إذن فنحن إزاء حقيقة ساطعة، فآليات التكييف والحماية والتنقية التي تحتوي عليها أنوفها تعتبر أمثلة على التصميم الهندسي الخارق، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نعتقد بأن خلايا الجهاز التنفسي والدوران و خلايا الجهاز الهضمي اللاشعورية تستطيع أن تتفق فيما بينها وأن تخطط فيما بينها لأداء وظائفها تمتما مثل مهندس ماهر، وكذلك من الاستحالة أن يكون نتاج هذا التصميم الهندسي الموجود في جزء مرن من وجه الإنسان وليد المصادفة والعبث. فهذا التصميم الهندسي المعجز هو دليل على عظمة الله تعالى وقدرته وكمال خلقه .
وآيات القرآن الكريم تخبرنا بأن كل شيء في السموات والأرض مخلوق تم إبداعه من قبل الله البارئ المصور:
(وَقَالُوا اتّخَذَ الله وَلَدًا سُبحانَهُ بَل لَهُ مَافِي السّمَواتِ وَالأَرضِ كُلّ لَهُ قَانِتُون بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرضِ وَإِذَا قَضَى أَمرًا فَإِنّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) سورة البقرة-الآية 116-117 .