نفوس البشر كالمعادن
نفوس البشر كالمعادن. تحتاج إلى مزيد من الصقل والتحسين وإزالة الشوائب لتصبح أنقى وأكثر بريقًا، وأكثر قابلية للتشكل والتحول إلى أشياء مفيدة.
لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أكرم الناس، قال:
النَّاسُ مَعَادِنُ (أصولا مختلفة ما بين نفيس وخسيس؛ كما أن المعدن كذلك) كَمَعَادِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلامِ إِذَا فَقِهُوا
(صحيح البخاري)
ضمنيًا يعني هذا أن المقدرة على السلوك والأخلاق الفاضلة هبة طبيعية، متأصلة في نفس كل إنسان وتميز شخصيته، يمتلكها البشر بدرجات متفاوتة وتختلف في قوتها وضعفها من إنسان إلى آخر. تمامًا مثل الأحجار والمعادن النفيسة غير المستخرجة من باطن الأرض؛ تظل مخبأة داخل كل إنسان – أو معروفة ومستخدمة جزئيًا فقط.
كل ما تحتاجه هذه الطاقات الأخلاقية والروحية الكامنة في نفوس البشر هو إطلاقها وصقلها وتوجيهها الوجهة الصحيحة، نحو الأفضل والأكمل، من خلال فهم كافٍ لطبيعة وقوانين النفس البشرية كما عرفها الله عز وجل. ومن ثم استخلاص الخير من نفوس البشر وتقوية الصلاح المتأصل في تكوينهم، ودفع القدرات والمهارات بداخلهم نحو أهداف نبيلة ذات جدوى ومضمون، يسري هذا حتى على خيار الناس اخلاقًا وأكرمهم طبعًا. لهذا، وصف النبي صلى الله عليه وسلم غاية رسالته التي بعثه الله بها قائلاً:
إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاقِ
(رواه أحمد)
أي إن مهمته السمو بالأخلاق الطبيعية لدى كل إنسان، والارتقاء بها نحو الكمال.