أدنى الأرض
قال تعالى:
﴿غُلِبَتِ ٱلرُّومُ ٢ فِيٓ أَدۡنَى ٱلۡأَرۡضِ وَهُم مِّنۢ بَعۡدِ غَلَبِهِمۡ سَيَغۡلِبُونَ ٣﴾ [الروم]
الدلالة العلمية :
تذكر المراجع التاريخية وقوع معركة بين مملكتي فارس وبين الإمبراطورية البيزنطية - وهي الجزء الشرقي من الإمبراطورية الرومانية - في منطقة بين أذرعات وبصرى قرب البحر الميت حيث انتصر فيها الفرس انتصاراً ساحقاً على الرومان، وكان ذلك سنة 619م. وقد خسر الروم البيزنطيون في هذه المعركة خسائر فادحة، وتوقع جميع المعاصرين لهم دماراً كاملاً لإمبراطوريتهم.
لكن حدث ما لم يكن متوقعاً ففي شهر ديسمبر من عام 627م وقعت معركة حاسمة بين البيزنطيين وإمبراطورية الفرس بمنطقة ناي نيفا Nineveh هزم فيها الروم الفرس. وبعد أشهر قليلة لجأ الفرس إلى إبرام اتفاقية مع بيزنطة تجبرهم على إعادة المناطق التي أخذوها منهم.
وتوضح المصورات الجغرافية لمستوى المنخفضات الأرضية في العالم أن أخفض منطقة على سطح الأرض هي تلك المنطقة التي بقرب البحر الميت في فلسطين حيث تنخفض عن سطح البحر بعمق (395) متراً. وقد أكدت ذلك صور وقياسات الأقمار الاصطناعية.
وجه الإعجاز
هناك وجهان للإعجاز في هذه الآيات الكريمة...
الوجه الأول: تحقق ما وعد به القرآن الكريم بعد سبع سنوات، حيث وقعت معركة بين الفرس والروم سنة 627م وانتصر فيها الروم وتزامن ذلك مع انتصار المسلمين على مشركي قريش في غزوة بدر الكبرى.
الوجه الثاني: أنها قررت حقيقة جغرافية لم تكن معروفة عند أحد في ذلك الوقت، حيث أخبرت أن الروم خسروا المعركة مع الفرس في أدنى منطقة من الأرض. وكلمة أدنى عند العرب تأتي بمعنيين: أقرب وأخفض، فهي من جهة أقرب منطقة لشبه الجزيرة العربية، ومن جهة أخرى هي أخفض منطقة على سطح الأرض، وهي أخفض نقطة سجلتها الأقمار الاصطناعية على اليابسة، كما ذكرت ذلك الموسوعة البريطانية، والحقيقة التاريخية تشهد أن المعركة وقعت في أكثر مناطق العالم انخفاضاً في حوض البحر الميت، أليس هذا دليلاً على أن القرآن هو وحي من عند الله. قال تعالى:
﴿قُلۡ أَنزَلَهُ ٱلَّذِي يَعۡلَمُ ٱلسِّرَّ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ﴾ [الفرقان:6]