تمهيد في تاريخ الشرك والتوحيد
تمهيد في تاريخ الشرك والتوحيد
إن الله سبحانه قد خلق العباد جميعًا مسلمين موحِّدين لله سبحانه، ولكن الشياطين جاءتهم فبدلت لهم دينهم وأفسدت إيمانهم. قال تعالى في الحديث القدس: «خلقت عبادي حنفاء كلهم وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرَّمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانًا»([1]).
فكلما وقع الناس في نوع من الشرك بعث الله إليهم أنبياءه بما يناسبه من أنواع التوحيد.
فمنهم من كفر بالرب الخالق؛ كثمود وفرعون... فبعث الله الأنبياء ليُعرِّفوهم بربهم وخالقهم كما قال موسى(عليه السلام) لفرعون: " وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخْشَىٰ " [النازعات: 19].
ومنهم من كفر من باب أسماء الله وصفاته؛ كاليهود والنصارى، الذين قالوا: «إن الله ثالث ثلاثة»، وإن «له زوجة وولد» سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا .قال تعالى: " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4) " سورة الإخلاص
والأكثرية منهم لو عرفوا الله بأنه الرب وعرفوا بعض أسمائه وصفاته فقد وقعوا في الشركمن جهة الاشراك في عبادة الله واتخاذه إلهًا، كما قال تعالى: " وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ " [يوسف: 106]، فبعث الله الأنبياء جميعًا وآخرهم وخاتمهم النبي محمد ليدعوا إلى عبادة الله وحده ونبذ عبادة غيره والتبرأ منها واتخاذه إلهًا واحدًا معبودًا لا شريك له. قال تعالى: " وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ " [النحل: 36].
فلما كان زمننا هذا فيه فتن آخر الزمان؛ فقد ظهرت فيه أنواع الشرك كلها في أنواعه الثلاثة، بل وظهرت فيه عبادة الشيطان، «وحسبنا الله ونعم الوكيل»، وانتشر الجهل وقُلِّبت الأمور، كما أخبر بذلك المعصوم قال: «فتن كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمنا، ويمسي كافرًا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرًا، يبيع أقوامٌ دينهم بعرض من الدنيا»([2]).
ولا نجاة منها إلا بالعلم الصحيح والعمل الصالح، كما جاء في رواية عند ابن ماجه: «ستكون فتنٌ يصبح الرجل فيها مؤمنًا ويمسى كافرًا إلا من أحياه الله بالعلم».
نسأل الله تعالى أن يقينا الفتن ما ظهر منها وما بطن.
-------------------------------------
([1]) رواه مسلم (5019).
([2]) رواه الترمذي.