كيف اعتقادك في الإنجيل ؟
س : كيف اعتقادك في الإنجيل ؟
ج : أعتقد أن الإنجيل كتاب من كتب الله سبحانه وتعالى أنزله على المسيح عيسى عليه السلامُ ؛ وذلك لبيان الحقائق ، ودعوة الخلقِ لتوحيد الخالق ، ونسخ بعض أحكام التوراة الفرعية على حسب الاقتضاء ، والتبشير بظهور خاتم الأنبياء .
س : كيف اعتقاد العلماء الأعلام في الإنجيل المتداول الآن ؟
ج : اعتقاد العلماء الأعلام أن الإنجيل المتداول الآن له أربع نسخ ألفها أربعة ، بعضهم لم ير المسيح عليه السلام أصلاً ، وهم : متى ، ومرقص ، لوقا ، ويوحنا .وإنجيل كل من هؤلاء مناقض للآخر في كثير من المطالب . وقد كان للنصارى أناجيل كثيرة غير هذه الأربعة ، لكن بعد رفع سيدنا عيسى عليه السلام إلى السماء بأكثر من مائتي سنة عولوا على إلغائها ما عدا هذه الأربعة تخلصًا من كثرة التناقض ، وتملصًا من وفرة التضاد والتعارض .
س : كيف اعتقادك في القرآن ؟
ج : أعتقد أن القرآن أشرف كتاب أنزله الله سبحانه وتعالى على أشرف أنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم وهو آخر الكتب الإلهية نزولاً ، وهو ناسخ لجميع الكتب قبله وحكمه باق إلى يوم القيامة . لا يمكن أن يلحقه تغيير ولا تبديل ، وهو أعظم آية على نبوة نبينا محمد r ؛ لكونه أعظم المعجزات
س : لأي شيء كان القرآن الكريم أعظم المعجزات ؟
ج : إنما كان القرآن أعظم المعجزات ؛ لكونه آية عقلية باقية مدى الدهر ، تشاهد كل حين بعين الفكر وسواه من المعجزات انقضت بانقضاء وقتها فلم يبق منها أثر غير الخبر ووجه إعجازه : أنه بلغ في الفصاحة والبلاغة إلى حد خرج عن طوق البشر ؛ فإن النبي r تحدى به العرب العرْباء ، وهم أفصح الأمم لسانًا وأوضحهم بلاغة وبيانًا . وقد وصلوا في عصره في البلاغة وفصل الخطاب لحال يحير العقول ويدهش الألباب ، وبقى فيهم ثلاثة وعشرين عامًا وهو يتحداهم بالقرآن أعظم تحدّ ، ويتصدى لتقريعهم به ، وإثارة هممهم للتعرض للمعارضة أعظم تصدّ ، فتارة يطلب منهم الإتيان بمثل سورة من القرآن ، وأن يستعينوا بمن شاءوه من الإنس والجان ، وتارة يسمهم بالعجز عن ذلك ، وعدم قدرتهم على سلوك تلك المسالك . وهم ذوو النفوس الأبية ، وأهل الحمية والعصبية فعجزوا عن ذلك عن أخرهم وتركوا المعارضة بالكلام إلى المعارضة بالحسام وعدلوا عن المقابلة باللسان إلى المقاتلة بالسنان ، وحيث عجز عرب ذلك العصر فمن سواهم يكون أعجز في هذا الأمر ، وقد مضى إلى الآن أكثرمن ألف وثلاثمائة عام ، ولم يوجد أحد من البلغاء إلا وهو مُسَلِّمٌ أو ذو استسلام فدلّ على أنه ليس من كلام البشر ، بل هو كلام خالق القوى والقدر . أنزله تصديقًا لرسوله وتحقيقًا لمقولة . وهذا الوجه وحده كاف في الإعجاز وقد أنضم لهذا الوجه أوجه ، أحدها : إخباره عن أمور مغيبة ظهرت كما أخبر . ثانيها : أنه لا يمله السمع مهما تكرر . ثالثها : جمعه لعلوم لم تكن موجودة عند العرب والعجم . رابعًا : إنباؤه عن الوقائع الخالية وأحوال الأمم . والحال أن من أنزل عليه صلى الله عليه وسلم كان أميًا لا يكتب ولا يقرأ ، لاستغنائه عن ذلك بالوحي ، وليكون وجه الإعجاز بالقبول أحرى .
س : ماذا يجب للأنبياء عليهم السلام ؟
ج : يجب للأنبياء عليهم الصلاة والسلام أربع صفات وهي : الصدق ، والأمانة ، والتبليغ ، والفطانة . ومعنى الصدق في حقهم : كون خبرهم مطابق للواقع ونفس الأمر فلا يصدر منهم كذب أصلاً . ومعنى الأمانة في حقهم : كون ظواهرهم وبواطنهم محفوظة من الوقوع فيما لا يرضي الحق ، الذي اصطفاهم على سائر الخلق . ومعنى التبليغ : كونهم بينوا للناس كل ما أمرهم الله ببيانه أحسن بيان فلم يكتموا من ذلك شيئًا . ومعنى الفطانة : كونهم أكمل الخلق في النباهة والفهم .
س : ماذا يستحيل على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ؟
ج : يستحيل على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أربع صفات ، وهي : الكذب، والعصيان، والكتمان، والغفلة . وكذلك يستحيل عليهم كل صفة تعد عند الناس من العيوب وإن لم تكن من الذنوب : كدناءة الحِرفة أو النسب ، أو تنافي حكمة البعثة : كالصمم والبكم
س : إذا كان العصيان مستحيل في حق الأنبياء عليهم السلام فكيف أكل آدم من الشجرة التي نهى الله عنها ؟
ج : إن آدم عليه السلام أكل من الشجرة التي نُهى عنها بطريق النسيان قال تعالى : {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً}[طه :115] ، والناسي غيرُ عاص ولا مؤاخذ. وأما نسبة العصيان إليه في قوله تعالى: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى}[طه: 21، 22] ، فلصدور صورة المخالفة عنه بناء على النسيان الناشئ عن عدم التحفظ التام منه . والمخالفة التي تصدر نسيانًا ، لا تعد في حق الناس عصيانًا وعُدت معصيةً في حق آدم نظرًا لشرف رتبته ، وعظم منزلته ، والخطأ الصغير يُستعظم من الكبير . وأما مؤاخذة المولى سبحانه وتعالى لآدم على ذلك بإهباطه إلى هذه الديار ، واعتراف آدم بالذنب ، ومثابرته على الاستغفار ، فذلك لتزداد درجته علوًا ، وثوابه وأجره نموًا . ويقاس على ذلك ما ينسب لسائر الأنبياء من الذنوب والمعاصي ، فإنها ذنوب بالإضافة إلى علو مناصبهم ، ومعاص بالنسبة إلى كمال طاعتهم ، لا أنها كذنوب غيرهم ومعاصيهم ؛ لأنها صادرة منهم عليهم السلام إما على طريق التأول ، أو على طريق السهو وعدم التعمد .وأما اعترافهم بها واستغفارهم منها فلزيادة معرفتهم بمولاهم وشدة ورعهم وتقواهم ، وليزدادوا أجرًا وقربة وعلواً في الدرجة والرتبة
س. ماذا يجوز في حق الأنبياء عليهم السلام ؟
ج. يجوز على الأنبياء عليهم السلام وقوع الأعراض البشرية التي لا تؤدي إلى نقص في مراتبهم العلية ، كالأكل والشرب ، والجوع والعطش . واعتراء الحر والبرد ، والتعب والراحة والمرض والصحة ومثل ذلك التجارة والاحتراف بحرفة من الحرف التي ليست دنية ؛ لأنهم بشر يجوز عليهم ما يجوز على البشر مما لا يؤدي إلى نقص
س. ما الحكمة في لحوق الأمراض والآلام بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام ؟
ج. الحكمة في لحوق الأمراض والآلام بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام مع كونهم خير البرية ، وكون ساحتهم من العيوب برية : أن يعظم أجرهم ويظهر في طاعة الله تعالى ثباتهم وصبرهم ، ولأجل أن تتأسى بهم الناس ، إذا حل بهم البلاء والبأس . ويعلموا أن الدنيا دار بلاء وامتحان ، لا دار إكرام وإحسان . ولئلا يعتقد الألوهية أحد فيهم إذا رأى المعجزات الباهرة تظهر على أيديهم ويعلم أن ذلك بإرادة الله تعالى وخلقه ليس غير ، وأنهم وإن عظم قدرهم وجل أمرهم فهم عبيد عاجزون عن جلب النفع ودفع الضرر .
س. ما خلاصة ما يجب أن نعتقد في حق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ؟
ج. نعتقد أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام موصوفون بكل صفة تزين ، ومبرأون في الظاهر والفعل والقول عن كل أمر يشين ، وأنهم يجوز أن تطرأ عليهم الأعراض البشرية التي تؤدي إلى نقص في مراتبهم العلية . وأن الله اصطفاهم على العالمين وأرسلهم إليهم ليكونوا بأوامره وأحكامه عالمين . وأنهم لم يختلفوا في أمر الدين لكونه أصلًا لتعلقه بالاعتقاد الذي لا يقبل التعدد والتحول أصلاً ، وإنما اختلفوا في بعض أحكام الشريعة لكونها فرعًا ، لتعلقها بالعمل الذي توجب الحكمة اختلافه باختلاف الأمم زمانًا ومكانًا وحالًا وطبعًا .