الدين جميل!
بأي لغة أستطيع تقديم الجمال؟ وها الكلماتً كسيرة حسيرة! في زمن تصدرت فيه (جمال الأشباح) على حساب (جمالية الأرواح)! وغطت الأصباغُ الكاذبة جمالَ الفطرة الصادق! فَنَصَرَ الناسُ التمثالَ على الطبيعة! وضَلَّت الحقيقة في الظلمات..!
الجمال!.. وهل بقي جَمالٌ في عالم طغت فيه شبهات الفتن على معالم السَّنن؟! وغطى دخانُ الحرائق على الحقائق! فتعسرت الرؤية، وتداخل الحق بالباطل، وتشابهت طرائق السير على السائرين! واختلت الموازين لدى كثير من الناس! بفعل سحرة العصر وكهانه الكبار، من شياطين الإعلام، وكَهَنَةِ الثقافة، ومَرَدَةِ الإخراج والتصوير! حيث صار للدين صورة (كاريكاتورية) مرعبة! في مخيلة كثير من المستلَبين، وجموع التائهين، من المسلمين وغير المسلمين! زادها بشاعةً سلوكُ بعض المتدينين الجهلة! وخطابُهم الفج! ممن تداخلت في لا شعورهم رغبة التدين مع رغبة التنفيس عن المعاناة والألم، اللذين يعتصران قلب المؤمن في هذا الزمان؛ جراء الظلم والظلمات التي تجتاح هذا العالم المجنون! فكان تدين بعضهم إلى الانحراف أقرب منه إلى الاعتدال، في السلوك والاعتقاد! بل حتى في الملبس والمظهر! وقد رأينا منهم من لبس اللباس الأفغاني ببلاد المغرب؛ ظنا منهم أنه لباس السنة! وأنه شعار الإيمان القوي على التحديد والتعيين! فخالفوا عرف أهلهم وبلادهم وما جرت عليه عاداتهم من الأزياء؛ وكانوا بذلك إلى البشاعة أقرب! فساعدوا أبالسة الإعلام على صناعة الصورة المخيفة للإسلام والمسلمين! وبدأت تؤثر بالفعل حتى على بعض المسلمين؛ مما اضطرنا إلى أن نُذَكِّر بأن الدين جميل!
ولقد وجدنا شرائح أخرى، ممن ضاعت منهم هويتهم أو ماتت! وضلت عنهم لغتهم أو كادت! عندما يُقَدِّرُ لهم أن تستيقظ فطرتهم من جديد، ويرغبوا في العودة إلى تحقيق الشعور بالانتماء إلى هذه الأمة؛ يجدون حرجاً شديداً في أن يكونوا في صف واحد مع (الإرهاب!) ولقد لقينا منهم من يخاف حتى من المرور إلى جانب شاب ملتح، أو شيخ معمَّم يمشي هادئاً على قارعة الطريق! وفي حوارات شتى وجدنا من يفزع من عقيدة الإسلام؛ لأنها في مخيلته – كما تلقاها عن الإعلام الغربي المتصهين – عقيدة الموت! أو (إيديولوجيا العدم!) كذا! وهو مع ذلك يعلن – بقوة! – أنه مسلم، يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله! ويكره أن يوصف بالكفر – صادقاً – كما يكره أن يلقى في النار! إلا أن الشبهات تعذبه عذاباً مريراً! كيف يكون مسلما؛ وهذا (الالتزام الديني) – كما يراه أو كما صُوِّرَ له بالأحرى – هو إلى البشاعة والشناعة؛ أقرب منه الجمال والجلال!
فهل لم يعد من بد إذن؛ من إعادة (درس الدين)، وشرح أبجديات التدين في الإسلام للعالمين؟ والكشف عن حجاب النور الذي يجلل حقيقته للناظرين؟
لا شك أن من واجبات الدعوة إلى الله أن ينهض أهل الفضل والعلم بإنجاز شتى ضروب البيان، مما يحتاج إليه إنسان هذا الزمان، الذي وقع ضحية التغريب والتخريب، في السلوك والاعتقاد! ووقع أسيرا بالشبكة التي نصبها كَهَنَةُ الإعلام، وسَحَرَةُ الفضائيات!
{فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ}
(الأعراف: 116).
وما أحسب هذا ببعيد عن معنى (فتنة القطر) المذكورة في حديث رسول الله،
فيما رواه أسامة بن زيد رضي الله عنه: (أنَّ النبي أَشْرَفَ عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ قَالَ: "هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى؟ إِنِّي لَأَرَىَ مَوَاقِعَ الْفِتَنِ خِلَالَ بُيُوتِكُمْ، كَمَوَاقِعِ الْقَطْرِ").
إن هذه الفتن التي شبهها النبي بقطر الأمطار، النازل بالشبهات والشهوات على البلاد والعباد، قد حجبت الرؤية، وغمرت العالم بضباب كثيف! فأني يصفو النظر؟ وكيف يتضح الإبصار؟
من أجل هذا وذاك؛ كانت هذه الورقات في (جمالية الدين)!