المشهد الثالث: في جمالية التفكر في توحيد الله
من أسرار هذا الدين ولطائفه أن باب عقيدته هو التفكر! قال عز وجل في مخاطبة الكفار عبر رسوله الكريم:
{قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا}
(سبأ: 46)..
آية في غاية الجمال والسمو! وإني أشهد أني مذ ذقتها وجدت أن بها بجراً من الأسرار التربوية لا يعلم مداه إلا الله. وإن لها لذوقاً وجدانياً خاصاً. أرأيت كيف أن الله تعالى يخاطب الكفار، بالقيام له، والتفرغ لشأنه، قبل الإيمان به؟ وذلك حتى يمكنهم الوصول إلى حقيقة الإسلام، هذا التدين الذي هم له منكرو! وقد شرط الله عليهم شرطاَ في كيفية القيام له: وهو الخلوة به وحده سبحانه! والعدد الوارد في الآية: (مَثْنَى وَفُرَادَى) على حقيقته، إذ ليس هناك في السياق ما يصرفه عن هذا الحقيقة. لكن لماذا التنصيص على الفردانية، أو الثنائية، بالضبط؟ لماذا كان ذلك شرطاً لتوقيع (التفكر)؟ إنه أمر عجيب!
(الله).. هذا الاسم الجميل كلمة تدل على الحياة العليا والنعمة الكبرى.. منه سبحانه نستمد الكينونة والحياة. وعطاؤه تعالى لا ينقطع أبداً، ولا يحصى عدداً. أن تملأ قلبك بمعرفة الله يعني أنك تملؤه بالحياة!.. أن تملأ قلبك بمعرفة الله يعني أنك تملؤه بالحب وأن تعبر عن ذلك كله يعني أن تقول: (لا إله إلا الله)، أي لا مرغوب ولا مرهوب إلا الله، ولا محبوب إلا الله، ولا يملك عليك مجامع القلب والوجدان إلا الله.. هذا السيد الجميل، والملك الجليل، والرب العظيم الرحيم.