معنى جمالية الدين
وعندما نقول هنا جمالية الدين فإننا نعني أن الله عز وجل الذي جعل الدين جميلاً، فَصَد أن يكون التدين جميلاً أيضا، قصداً تشريعياً أصيلاً، بمعنى أن ذلك قُصِدَ منه ابتداءٌ، وليس صدفة واتفاقاً! فالجمالية: هنا متعلقة بتلك الإرادة الإلهية الجميلة التي قضت أن (يتحمل) الناس بالدين، ويتزينوا به؛ عبادة لله رب العالمين، ومنهاجاً لعمران الإنسان في الأرض. مصداقاً للحديث النبوي الشريف:
(إن الله تعالى جميل يحب الجمال)
. والتجميل المطلوب في هذا الحديث، يتعلق بالشكل والمضمون معا.
ذلك أن الله – جل جلاله – قد فتح أمام البشرية معرضين فسيحين للجمال. معرضين دائمين، يتنفسان الحياة، وينبضان بالحسن المتجدد أبداً! أولهما: هذا القرآن الكريم المجيد، وما يتضمته من حقائق إيمانية خالدة، تصل الإنسان بمنابع الجمال الحق، ومصدر النور الأعلى. وثانيها: هذا العالم الطبيعي الكوني، بما فيه من مخلوقات وفيوضات نورانية، وتجليات روحانية خارقة، لا تنتهي استعراضاتها أبداً؛ امتداداً من عالم الغيب إلى عالم الشهادة! وما يعكسه ذلك كله من شؤون الربوبية العليا، وأنوار الأسماء الحسنى.
ومن هنا فإن (جمالية الدين) مفهوم له امتداد كلي شمولي؛ إذْ يمتد ليغطي علاقات المسلم بأبعادها الثلاثة: علاقته مع ربه، وعلاقته مع الإنسان، ثم علاقته مع البيئة أو الكون والطبيعة. وما يطبع ذلك كله من معاني الخير والمحبة والجمال. وكل ذلك يدخل تحت مفهوم (العبادة) بمعناه القرآني الكلي، الذي هو غاية الغايات من الخلق والتكوين