خلاص الأنبيـاء وخلاص الوثنييـن ..!!
منذ ظَهر الإنسان على وجه الأرض ويستشعر أن وجوده له قيمه يخرج الحيوان من بطن أمه باحثا عن الطعام .. ويخرج الإنسان من رحم أمه باحثا عن الله يستشعر الإنسان في وعيه الفطري بقيمة عليـا لوجوده .. فهو مهما كانت ديانته يؤمن بوجود الخير والشر وأن هُنـاك اختيـار حُر.
وأرقى مُهمة كُلف بها الأنبيـاء في تاريخهم الطويل هي التأصيـل لعقيدة التوحيد تلك القيمة الراقية التي تقول بعقيدة الرب إلهنا رب واحد .. فمُجرد صلاح تلك القيمة تصلح دنيا الإنسان وآخرته وينضبط عالمه الخارجي مع عالمه الداخلي ويستشعر بأن دعوة الأنبيـاء قد أتت على وعيه الفطري فأيقظته فيصير الإنسان زكي الروح رائق الوجدان يجيب داعي الله ويرتقي إلى القيمة التي استشعر منذ يومه الأول بأنه خُلق لأجلها فتُكتب له سعادة الدارين . والناظر في تاريخ الأرض يجد دينـان إثنان فقط قدمتهما البشرية ... دين الأنبيـاء ودين الوثنيين .. دين الأنبيـاء أعرَف الناس بربهم دينهم واحد ورسالتهم واحدة وخلاصهم واحد كل أنبياء العهد القديم كانوا يُنادون بعقيدة الرب إلهنا رب واحد قالها موسى وكررها المسيح بنفس الصياغة فقال موسى عليه السلام :- (اسمع يا اسرائيل.الرب الهنا رب واحد .. تثنية 6-4.) وقال المسيح عليه السلام :- (فاجابه يسوع ان اول كل الوصايا هي اسمع يا اسرائيل.الرب الهنا رب واحد .. مرقص 12-29.) أو بلفظ القرآن الكريم
( اعبدوا الله ربي وربكم )
المائدة 72
.. والزم بهذه الدعوة كل السائرين على الدرب .. درب الأنبياء !!
فنوح أول الرسل بعد آدم قالها مُدوية
{لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}
(59) سورة الأعراف
وأكدها هود {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ }
(65) سورة الأعراف
وصالح {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
(73) سورة الأعراف
وشعيب {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }
(85) سورة الأعراف
وإبراهيم {وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}
(16) سورة العنكبوت
إنها دعـوة واحدة رسالة واحدة طريق واحد
{ مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ}
(43) سورة فصلت
.. هـذا هو الخلاص الحقيقي وبغيره لن نخلُص .. فعقيدتنا هي عقيدة الأنبيـاء جميعـا
{قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَىوَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}
(136) سورة البقرة
وبينما الجميع يسيرون على درب الأنبيـاء إذ تسللت أُمم وتنكبت الطريق وسارت على درب الضلال والزيغ وأنكرت الرب إلهها وعبدت الكثير من الآلهة البشرية .. صنعت آلهة بشرية على يدها وعبدتها صنعت آلهة على صورتها وشبهها صنعت آلهة وقتلتها وأكلت لحمها وشربت دمها لا فرق بينها وبين آلهة العجوة .. فأُمة من الأمم صنعت مثرا وأمة صنعت بروميثيوس وأمة صنعت أوزوريس وأمة صنعت يسوع الناصري .. كلهم بشر مثلنا منهم العبد الصالح ومنهم الماكر الشرير .. صُنعوا في مجامع خاصة وبعناية ودهـاء وعُبدوا من ضمن سلسلة الآلهة البشرية الطويلة وجُعل بأيديهم الخلاص والغريب أن هذه الآلهة البشرية تُقدم حلولا سريعة لمعاصي الإنسان ويُصبح الإله فداء للإنسان في نوعية أخرى من الخلاص لم يعرفها الأنبياء ولا الأبرار .. فهـا هو ميثرا ذلك الإله البشري القديم الذي صُلب في بلاد الفرس 600 قبل الميلاد يساق إلى الذبح كخروف وتُزين أيقونته المعابد الوثنية القديمة
وبروميثيوس الذي وهب النور إلى الإنسان وصُلب على شجرة إبن الإله زيوس كبير آلهة جبال الأولمب .. يُقتل ويصلب في مسرحية متكررة في حضارات الأرض جميعا تختلف أسماء الآلهة البشرية لكن كلها صناعة وثنية قديمة .
وهكذا هناك درب للأنبيـاء ودرب للوثنيين يقول ول ديورانت في كتاب قصة الحضارة :- ( لقد قتلت البشرية ستة عشر إلها تكفيرا عن خطاياها مرورا بميثرا وكرشنا وانتهاءا بيسوع الناصري .) وهكـذا لن يكون خلاص إلا بدعوة الأنبيـاء دعوة الرب إلهنا رب واحد... دعوة للعقيدة الطاهرة عقيدة التوحيد ... إن الإنسانية الآن بحاجة إلى دين يشبع جوعها الروحي وتألقها الذهني .. بحاجة إلى الدين الذي تعاون النبيون جميعا على إبلاغ أصوله وتوطيد أركانه ثم جاء صاحب الرسالة الخاتمة فأعطاه صورته النهائية المقنعة المشبعة ...فها هي مباديء التوحيد تنساب إلى القلوب من تلقاء نفسها لأنها الفطرة .. فهي تعاليم الأنبياء التي تنساق إلى العقول كما تنساق البديهيات التي يلقاها الفكر بالتسليم ولا يستطيع أمامها مراء ..!!